للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} [محمد: ١٩]، وقال الله تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: ١١]، وهذا شيء مُشاهَد، بَيِّنوا لي تاجِرًا من أكبَر التُّجَّار في عهد الأئِمَّة الأربَعة حصَل له من رَفْع الذِّكر ما حَصَل لهؤلاءِ الأئِمَّة الأربعة، لن تَجِدوا إلى ذلك سبيلًا؛ فأَهْل العِلْم مَرفوعون عِند الله، ومَرفوعون عِند العِبَاد، مَرفوعون في حَياتهم ومَرفوعون بعد مَماتِهم، حتى وإن نَالَ أحَدًا منهم ما يَنالُه من التَّعذيب أو المُضايَقة، أو ما أَشبَه ذلك فإنه يَزداد بذلك رِفْعة عِند الله ورِفْعة عِند العِباد.

فأنت إذا نَوَيْت بطلَبك للعِلْم امتِثال أَمْر الله، صارَت كلُّ حرَكة تَتحَرَّكها في هذا المَجالِ عِبادة، إن راجَعْت الدَّرْس فعِبادة، وإن حَفِظت فعِبادة، وإن مَشَيْت فعِبادة، وقد ثبَت عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أن "مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلمًا، سَهَّلَ الله لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الجَنَّةِ" (١).

وهذه مسائل تَغيب عنَّا كثيرًا:

الأولى: كثيرًا ما نُراجِع الكُتُب لتَحقيق مَسأَلة ما، ولكن يَغيبُ عنَّا أَنَّنا الآنَ في عِبادة نَرجو بها ثَواب الله؛ لكن إذا استَحضَر طالِب العِلْم أنه يَمتَثِل أَمْر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى بطَلَب العِلْم، صارَ طلَبُه للعِلْم عِبادة.

الثانية: أن يَنوِيَ بطلَب العِلْم حِفْظ الشريعة؛ لأنَّ الشريعة تُحفَظ برِجالها؛ ولهذا قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -: "إِنَّ الله لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا


(١) أخرجه البخاري: كتاب العلم، باب العلم قبل القول والعمل، معلقًا مجزومًا به، ووصله مسلم: كتاب الذِّكر والدعاء والتوبة، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن، رقم (٢٦٩٩)، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>