للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأمَّا قوله تعالى: {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} [الزخرف: ٤]، فإنَّه يُمكِن أن يَكون المُراد به ذِكْر هذا الكِتاب، كما قال تعالى: {وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ} [الشعراء: ١٩٦]، ومَعلوم أن زُبُر الأوَّلين ليس فيها القُرآن، وإنما فيها التَّحدُّث عنه وذِكْره، فليس هناك دَليل قَطعيٌّ يَطمَئِن الإنسان إليه بأن القُرآن كُتِب في اللَّوح المَحفوظ، وإذا ثبَت هذا فلا يُنافِي أن يَكون كلام الله تعالى به محُدَثًا بمعنى أنه يَتكَلَّم به ليُلْقيَه على جِبريلَ، وإن كان مَكتوبًا من قبلُ في اللَّوح المَحفوظ.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: عِناية الله عَزَّ وَجَلَّ برسوله - صلى الله عليه وسلم -، وجهُه قوله: {رَبِّكَ}، حيث أَضاف إليه الرُّبوبية، وهذه الرُّبوبيةُ خاصَّة؛ لأنَّ رُبوبية الله عَزَّ وَجَلَّ نَوْعان: عامَّة وخاصَّة، فالعامَّة الشامِلة لكل شيء، والخاصَّة المُختَصَّة بما أُضيفَت له، استَمِع إلى قوله تعالى: {قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (١٢١) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ} [الأعراف: ١٢١ - ١٢٢]، في هذه رُبوبية عامَّة ورُبوبية خاصَّة، العامَّة {بِرَبِّ الْعَالَمِينَ}، والخاصَّة {رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ}.

وقوله: {إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ} [النمل: ٩١]، الأوَّل: {رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ} يَعنِي: مكَّة الذي حرَّمها، رُبوبية خاصَّة، {وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ} هو هذه عامَّة.

إِذَنْ: قوله: {رَبِّكَ} من باب الرُّبوبية الخاصَّة، ولا شَكَّ أن أخصَّ رُبوبية تَكون للمَربوبين هي رُبوبية الرُّسُل، ولا سِيَّما أُولِي العَزْم منهم، وهم خمسة: محُمَّد، إبراهيمُ، مُوسى، عِيسى، نُوح، عَلَيْهِم الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: خُلود الذين كفَروا في النار؛ لقوله: {أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ}،

<<  <   >  >>