يَلزَم أن يَكون مُطابِقًا له، ومن المَعلوم أنك تَقول: آمَنْتُ به. وتَقول: صدَّقْت به. وتَقول: آمَنْت له. وتَقول: صدَّقْت له. وتَقول: صدَّقْته. ولا تَقول: آمَنْتُه. وهذا يَدُلُّ على أنَّ الإيمان ليس هو التَّصديقَ.
وقد نبَّه على ذلك شيخُ الإسلام ابنُ تيميَّةَ رَحِمَهُ اللَّهُ في كِتابه (الإيمان)، فقال:"إن الإيمان بمَعنى التَّصديق ليس بصَحيح"(١) وإن كان قد يَأتِي بمَعناه، ولكنْ حقيقتُه أنه ليس إيَّاه، فهو إقرار بالقَلْب، ونُطْق باللِّسان.
وقوله:{وَيُؤْمِنُونَ بِهِ} أي: يُؤمِنون بوُجوده عَزَّ وَجَلَّ ووَحْدانيته، وبكل ما يَستَحِقّه من أسماء وصِفات وغيرها إيمانًا كامِلًا، والإيمان بالله يَتَضمَّن: الإيمان بوُجوده، ورُبوبيته، وأُلوهِيَّته، وأسمائه، وصِفاته، وانفِراده بذلك.
وقوله:{وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا}{وَيَسْتَغْفِرُونَ} أي: يَطلُبون المَغفِرة للذين آمَنوا، وقد تقدَّم مِرارًا أن المَغفِرة هي سَتْر الذَّنْب والتَّجاوُز عنه.
وقوله:{وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ} جُمْلة {رَبَّنَا} مَقول لقَوْل محَذوف فسَّره المفَسِّر بقوله: [يَقولون {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ}] ربَّنا" أي: يا ربَّنا، وحُذِفَت منه (يا) النِّداء لكَثْرة الاستِعْمال وتَيمُّنًا بالبَداءة باسم الله عَزَّ وَجَلَّ، أو بوَصْفه بالربوبية.
قال المفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا} أي: وسِعَتْ رحمتُك كلَّ شيء وعِلْمك كلَّ شيء]، فمَعنى {وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ} أي: أحَطْتَ به رحمةً، وأَحَطْتَ به علمًا، فما بلَغه عِلْم الله بلَغَتْه رحمَته، ولكن الرحمة إمَّا عامَّة، وإمَّا خاصَّة كما سيَأتي في الفَوائِد إن شاءَ الله.