للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وجُمْلة {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ} هي عِبارة عن تَوسُّل؛ أي: تَوسَّلوا بسَعة عِلْم الله ورحمته إلى مَطلوبهم.

يَقول المفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا} من الشِّرْك]، ورجَعوا إلى الله تعالى بالتَّوْحيد والإخلاص، {وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ}؛ أي: طَريقك، وهو دِين الإسلام، سَواءٌ كان إسلام محُمَّد - صلى الله عليه وسلم -، أو إسلام من قَبْله؛ لأن هذا الدُّعاءَ عامٌّ لكُلِّ المُؤمِنين، فقَوْل المفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [دين الإسلام] يُريد به الإسلام العامَّ، فالذين اتَّبَعوا الرسُل السابِقين مُسلِمون والذين اتَّبَعوا محُمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - مُسلِمون، لكن لا إسلامَ بعدَ محُمَّد - صلى الله عليه وسلم - إلَّا باتِّباع دِينه.

وهنا قال: {وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ} وفي آية أُخرى: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: ١١٥]، فأَضاف السبيل إلى المُؤمِنين، وكذلك الصِّراط يُضيفه تعالى أحيانًا لنفسه مثل قوله: {صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} [الشورى: ٥٣]، وأَحيانًا للمُؤمِنين مثل: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: ٧]، ، فالجمعُ بينهما أن الله أَضاف السبيل أو الصِّراط إليه باعتِبارين:

الاعتِبار الأوَّل: أنه هو الذي وضَعَه لعِباده يَسيرون عليه.

والاعتِبار الثاني: أنه مُوصِل إلى الله عَزَّ وَجَلَّ، فمَن سلَكَه أَوْصَله إلى ربِّه.

أمَّا إضافتُه للمُؤمِنين في قوله: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} أو للذين أَنعَم عليهم في قوله: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}؛ فلأَنَّهم سالِكوه، فأُضيف إليهم باعتِبار سُلوكهم إيَّاه، وحينَئذٍ ليس بين الآياتِ تَعارُض.

قوله: {وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ} أي: اجعَلْ لهم وِقاية من عذاب الجَحيم وهو عذاب النار، كما فسَّر بذلك المفَسِّر.

<<  <   >  >>