نَقول: لا، مُرادُنا بـ "التَّنزيه عن النَّقْص": أنَّ صِفاتِه الكامِلةَ مُنزَّهة عن النَّقْص، فقوَّتُه لا يَعتَريها نَقْص {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ (٣٨)} [ق: ٣٨]، وعِلْمه لا يَعتَريه نَقْص {فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي} أي: لا يَجهَل {وَلَا يَنْسَى}[طه: ٥٢]، فمُرادُنا بالنقص أن كَماله لا يَعتَريه النَّقْص، وأمَّا نفيُ المُماثَلة؛ فلأَنَّ الله نصَّ على نفيها، فيَنبَغي أن نَتَّبع في ذلك القُرآنِ أن نَقول: مُنزَّهٌ عن مُماثَلة المَخلوقين.
الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: وَصْف الله عَزَّ وَجَلَّ بالكَمال والإفضال؛ لقوله:{بِحَمْدِ رَبِّهِمْ}؛ لأن الحَمْد وَصْف المحمود بالكَمال والإفضال؛ لأن الله يُحمَد على كَماله، مثل قوله:{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ}[الأنعام: ١]، وكذلك مِثْل قوله:{وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ}[الإسراء: ١١١]، كل هذا حَمْد على الكَمال، ويُحمَد على إِفْضاله؛ لقول النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ الله لَيَرْضَى عَنِ الْعَبْدِ يَأْكلُ الْاكلَةَ فَيَحْمَدُهُ عَلَيْهَا، وَيَشْرَبُ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدُهُ عَلَيْهَا"(١) هذا حمد على الإِفْضال.
إِذَن: يُستَفاد كَمال الله عَزَّ وَجَلَّ وإفضاله؛ لقوله:{بِحَمْدِ رَبِّهِمْ}.
الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: أن كَمال الكَمال بنَفْي النَّقْص، أو بالجمع بين نَفْي النَّقْص وإثبات الكَمال، فكَمال الكَمال أن تَجمَع بين النَّفيِ والإثبات في الكَمال، يُؤخَذ من قوله:{يُسَبِّحُونَ} هذا نَفيُ النَّقائِص، {بِحَمْدِ رَبِّهِمْ} إثبات.
إِذَنْ: كَمال الكَمال بالجمْع بين النَّفيِ والإثبات.
(١) أخرجه مسلم: كتاب الذكر والدعاء، باب استحباب حمد الله تعالى بعد الأكل والشرب، رقم (٢٧٣٤)، من حديث أنس - رضي الله عنه -.