الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ: فَضيلة المَلائِكة الذين يَحمِلون العَرْش ومَن حَولَه، تُؤخَذ من إضافة الرُّبوبية إليهم على وَجْه، فإن هذه من الرُّبوبية الخاصَّة {يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ}، وإضافة الربوبية إليهم من عِدَّة وُجوهٍ: منها اختِصاص الله لهم بحَمْل العَرْش، تَسبيحهم بحَمْد الله.
الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ: أنَّ المَلائِكة مُكلَّفون؛ لقوله:{وَيُؤْمِنُونَ بِهِ}، ووَجهُ الدَّلالة أنَّهم لولا أنهم مُكلَّفون قاموا بما كُلِّفوا به لم يَكونوا مُستَحِقِّين للثَّناء بالإيمان، لو كان هذا من طَبيعتهم وسَجيَّتهم لم يَكُن للثَّناء عليهم بذلك كبير فائِدة، ويَدُلُّ على أنَّهم مُكلَّفون قوله تعالى:{وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ}[البقرة: ٣٤]، ولا شَكَّ أن كل عِباد الله الذين لهم فَهْم وعَقْل لا بُدَّ أن يَكونوا مُكلَّفين.
فائدة: نُزول المَلائِكة في بدرٍ تَثْبيت لقُلوب المُؤمنين، ومُشارَكة لهم في هذا، من باب التَّأييد للمُؤمِنين ونُصرة الحَقِّ؛ ولهذا قال الله تعالى:{ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ}[محمد: ٤]، ومن المعلوم أيضًا أنَّ الله لو قال لهَؤلاء الكُفَّار: كونوا أَمْواتًا. لماتوا. المَسأَلة ليس مَعناها من باب العَجْز أو القُدْرة.
الْفَائِدَةُ الْعَاشِرَةُ: تَسخير الله عَزَّ وَجَلَّ للمُؤمِنين أن تَستَغفِر لهم المَلائِكة، وليس المَلائِكة مُطلَقًا، بلِ المَلائِكة المُقرَّبون؛ لقوله:{وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا}[غافر: ٧].
الْفَائِدَةُ الحَادِيَةَ عَشْرَةَ: الحَثُّ على الإيمان حتى تَدخُل في ضِمْن مَن تَستَغفِر لهم المَلائِكة، والإيمان كلُّه خير وسُرور ونعْمة في القلب، ونعمة في البدَن، حتى البلاء الذي يُصيب المُؤمِن هو له خَيْر؛ فلِهذا نقول: احْرِص على تَحقيق إيمانك بفِعْل الوسائِل التي تُنمِّي هذا الإيمانَ وتُغذِّيه وتُقوِّيه.