للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السادِس: التَّوسُّل إلى الله بحال الشخص، تَتَوسَّل إلى الله تعالى بذِكْر حالِكَ، أنك فَقير، محُتاج إلى الله، مَريض، وما أَشبَهَ ذلك، ومنه قول موسى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ دليله - وإن شِئْت قلتَ: مثل؛ لأن هذا يَصلُح دليلًا وتمَثيلًا -: {رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} [القصص: ٢٤]، لمَّا سقَى للمَرْأَتين تَولَّى إلى الظِّلِّ؛ ليَستَظِلَّ به فقال: {رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} لم يَقُل: أَعطِني، لكن تَوسَّل إلى الله بحاله؛ لأنَّ قول القائِل: أنا فَقير، أنا محُتاج، أنا مَسَّنِي الضُّرُّ. وما أَشبَه ذلك يَعنِي: فأَعطِني، اشفِنِي، وقد جمَع أَيُّوبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بين ذِكْر الحال والتَّوسُّل بالأسماء فقال: {أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [الأنبياء: ٨٣]، الأوَّلُ: {مَسَّنِيَ الضُّرُّ} ذِكْر الحال، والثاني بالأَسْماء.

السابِع من التَّوسُّل الجائِز: التَّوسُّل إلى الله بدُعاء مَن تُرجَى إجابتُه، ومنه تَوسُّل الصحابة - رضي الله عنه - إلى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أن يَدعوَ الله لهم، مثل: الاستِسْقاء، والاستِصْحاء، وغير ذلك كثير.

ومن ذلك تَوسُّل الناس عمومًا يوم القِيامة بشفاعة النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - إلى الله أن يَقْضِيَ بينهم. هذه سَبْعة.

وقولنا: "التَّوسُّل إلى الله بمَن تُرجَى إجابتُه" يُستَفاد منه أن التَّوسُّل إلى الله تعالى بمَن لا تُرجَى إجابته لا يَجوز؛ لأنَّ هذا استِهْزاء بالله، لو أَنَّك أَتَيْت بصاحب رِبًا يَأكُل الرِّبا، وَيأكُل المال بالظُّلْم والغِشِّ والكذِب وقلت: ادْعُ الله لي. فإن هذا لا يَجوز؛ لأَنَّك تَوسَّلْت إلى الله بمَن تَبعُد إجابتُه، فإن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ذكَر الرجُل يُطيل السفَر أشعَثَ أَغبَرَ يَمُدُّ يديه إلى السماء يا رَبِّ يا رَبِّ، ومَلبَسُه حرام، ومَطعَمه حرام،

<<  <   >  >>