للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن قال قائِل: ما حُكْم التَّوسُّل إلى الله بمَحبَّة الصالحِين والعُلَماء؟

فالجوابُ: مَحبَّة الصالحِين والعُلماء هي عِبادة تُقرِّب إلى الله.

إِذَنْ: هي عمَل صالِح تَدخُل في التَّوسُّل إلى الله بالعمَل الصالِح.

فإن قال قائِل: ما حُكْم تَخصيص العالِم بعَيْنه؟

فالجوابُ: الأحسَنُ ألَّا تُخصِّص؛ لأن العالِم بعَيْنه - نَسأَل الله تعالى أن يَحمِيَنا وإيَّاكم، ويَجعَل ظواهِرنا كبواطِننا، أو بواطِننا خيرًا منها - لا تَدرِي حقيقته، قد تَغتَرُّ بإنسان، ولكن لا يَكون على ما تَظُنُّ، لكن عمِّمِ: اللَّهُمَّ بحُبِّي لعلماء الشَّرْع احشُرْني معهم، بحُبِّي للصالحِين اجعَلْني معَهم. وما أَشبَه ذلك.

أمَّا التَّوسُّل المَمنوع: كأن يَتوَسَّل إلى الله بما ليس بوَسيلة، مثل: تَوسُّل المُشرِكين بأَصْنامهم، حيث يَقولون: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: ٣]، فهذا لا يَنفَع.

ومن ذلك التَّوسُّلُ إلى الله بجاهِ الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فهذا لا يَجوز، لأَنَّه تَوسُّل بما ليس بوَسيلة، فلا تَستَفيد من جاهِ الرَّسول عند الله شيئًا، لأن جاهَ الرسول عند الله إنَّما يَنفَع الرَّسول فقَطْ لا عَلاقةَ لي به، فلِذلك يَكون التَّوسُّل بجاه الرسول - صلى الله عليه وسلم - ممنوعًا محُرَّمًا، أوَّلًا: لأنه لم يَرِد، والثاني: لأنه ليس بوَسيلة، إذ إن الوَسيلة هي فِعْل ما يُوصِّل إلى المَقصود، وأي ارتباط بين جاه الرَّسول عند الله وبين مَطلوبك؟ !

فصار التَّوسُّل المَمنوع شيئين:

الأوَّل: التَّوسُّل الشِّرْكيُّ: تَوسُّل المُشرِكين بآلهِتَهم لتَقرُّبهم إلى الله، فإن هذا لا شَكَّ أنه وَسيلة غيرُ صحيحة، وأنها باطِلة، على أن تَسميتنا إيَّاها وَسيلة إنما نُريد

<<  <   >  >>