مَن لا يَعبُد الأصنام، أمَّا مَن يَعبُد الأصنام فإنه مُشرِك ولم يَتوَسَّل إلى الله تعالى بشيء.
والثاني: التَّوسُّل إلى الله تعالى بجاهِ الرَّسول.
فإن قال قائِل: ما هو الضابِط في الفرق بين الوَسيلة الشِّرْكية والوَسيلة البِدْعية؟
فالجوابُ: الوَسيلة البِدْعية هي التي لم تَرِد عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ولا عن أصحابه، والشِّرْكية هي ما تَتَضمَّن إشراك غير الله مع الله، مع أنَّ البِدْعة تُسمَّى شِرْكًا بالمَعنى العامِّ؛ لأن المُبتَدِع شرَع شرعًا لم يَشرَعه الله، وقد سمَّى الله ذلك شِرْكًا، فقال:{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ}[الشورى: ٢١]، لكن ما كان مَظهَرُه مَظهَرَ الشِّرْك غلِّب عليه اسمَ الشِّرْك، وما كان مَظهَره سِوى ذلك فيُسمَّى بالاسم الذي يَختَصُّ به؛ ولهذا قال بعضُ العُلَماء: إن جميع المَعاصِي شِرْك؛ لأنَّ الإنسان أَشرَك فيها مع الله هَواه، كما قال تعالى:{أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ}[الجاثية: ٢٣].
فإن قال قائِل: هل يَجوز تَصنيف الشِّرْك يَعنِي: مثَلًا من الآية {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا}، نُسجِّل هذا شِرْك الطاعة أو شِرْك الاتِّباع؟
فالجَوابُ: هو شِرْك اتِّباع، أمَّا شِرْك الطاعة هذا شِرْك عِبادة؛ ولهذا من أَحسَن حدود الطاغوت ما قاله ابن القيِّم رَحِمَهُ اللَّهُ: ما تَجاوَز به العبدُ حدَّه من مَعبود، أو مَتبوع، أو مُطاع (١)؛ فالمَعبود: الأصنام، والمَتبوع: العلماء، والمُطاع: الأُمَراء.
وهذا أحسَنُ ما يُقال في حد الطاغوت، لكن باعتِبار الطاغِي، أمَّا باعتِبار المَعبود أو المَتبوع أو المُطاع؛ هؤلاءِ ليسوا طواغيتَ باعتِبار ذواتِهم؛ لأنَّ العالم قد لا يَرضَى بهذا الشيءِ والأمير كذلك، والمَعبود كذلك، لكن باعتِبار الفاعِل هي