قوله:"بقي كلُّها إلَاّ كتفَها)؛ يعني: ما تُصدِّقَ به فهو باقٍ، وما بقي عندك فهو غيرُ باقٍ، كما قال الله تعالى:{مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ}[النحل: ٩٦].
* * *
١٣٦٥ - عن عبد الله بن مَسْعود - يرفعُه - قال: "ثلاثةٌ يُحبهم الله: رجلٌ قامَ من اللَّيل يَتلُو كتابَ الله، ورجلٌ يتصدَّقُ بصدَقةٍ بيمينِهِ يُخفيها - أُراهُ قالَ مِن شِمَالِهِ، ورجلٌ كانَ في سَرِية، فانهزَمَ أَصحابُه، فاستْقَبلَ العَدوَّ", غريب.
قوله: "أُراه" بضم الهمزة؛ أي: أظنُّه، قال: يخفيها من شماله.
* * *
١٣٦٦ - عن أبي ذَرًّ - رضي الله عنه -، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "ثلاثةٌ يُحِبُّهم الله، وثلاثةٌ يُبغِضُهم الله، فأَما الذين يُحِبُّهم الله: فرجلٌ أَتَي قَومًا، فسأَلهَم بالله ولم يسألْهم لقَرابةٍ بينَهُ وبينَهم فَمَنَعُوه، فتَخَلَّفُ رجلٌ بأَعقابهم فأعطاه سِرًّا، لا يعلمُ بعطيَّتِهِ إلا الله والذي أَعطاهُ، وقومٌ سَارُوا ليلَتَهم حتى إذا كَانَ النَّومُ أحبَّ إليهم مما يُعدَلُ، به فَوَضَعُوا رؤُوسَهم، فقامَ سِرًّا، يتمَلَّقُني ويتلُو آياتي، ورجلٌ كانَ في سَرِيةٍ، فلَقُوا العَدوَّ، فهُزِمُوا، فأَقبلَ بصَدْرِهِ حتى يُقتلَ أو يُفتَحَ له، والثلاثةُ الذين يُبغِضهُم الله: فالشيخُ الزَّاني، والفَقيرُ المُخْتَالُ، والغَنيُّ الظَّلُومُ".
قوله: "ولم يَسأَلْهم لقرابةٍ"؛ يعني: يقول السائل: أَسأَلُكم وأَعطُوني بالله، ولم يقل: أسألكم بحق قرابةٍ بيني وبينكم؛ يعني: إذا سألَ بالله وَجَبَ إجابتُه؛ تعظيمًا لاسم الله، فإذا منعوه فقد احترموا أجرًا عظيمًا، فإذا أعطاه واحدٌ سرًّا فيه فضيلتان، إحداهما: أنه عظَّم اسم الله، والثانية: أنه تصدَّق سرًّا، وصدقةُ السِّرِّ لها فضيلةٌ.