٢٩٨٤ - قال كعبُ بن مالكٍ: لم يكنْ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يريدُ غزوةً إلا وَرَّى بغيرِها، حتى كانَتْ تلكَ الغَزْوةُ - يعني: غزوةَ تبوكَ - غزاها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في حَرًّ شديدٍ، واستقبلَ سَفَرًا بعيدًا ومَفازًا، وعَدُوًّا كثيرًا، فجلَّى للمُسلمينَ أمرَهم ليتأهَّبُوا أُهْبَةَ غَزْوِهِم، فأَخبرَهم بوَجْهِه الذي يريد.
قوله:"ورَّى بغيرها" توريةً: إذا أخفى شيئًا في خاطره وأظهر خلافه، وتوريةُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الغزو ليس بأنْ قال: أنا أريد غزو أهل الموضع الفلاني، وهو يريد غيرهم؛ لأن هذا كذبٌ، والكذب لا يجوز، بل إنما كان بالتعريض، مثل أن يريد غزو بلدة ولم يقل: إني أريد ذلك الموضع، بل يخفي ذلك في قلبه ويسأل عن الناس سبيل بلد آخر، مثل أن يريد مكة ويسأل عن الناس حال خيبر وكيفيةَ سبيلها، حتى يظن الناس أنه يريد خيبر، فإذا هيأ أسباب غزو مكة قصد مكة بحيث لا يعرف أهل مكة، ولم يصل إليهم خبرٌ، حتى لا يفروا ولا يهيئوا أسباب القتال، وذلك جائز في الغزو.
"تبوك": اسم ناحية في البرِّية قِبَلَ الروم، بينها وبين المدينة قَدْرُ مسيرة شهر.