أحمدُ الله مِلْءَ السماوات ومِلْءَ الأرض ومِلْءَ ما يشاء بعد هذه الأشياء، وأشكر له شكرًا يكون جميعُ المخلوقات حتَّى الهباء بالنسبة إليه كذرَّةٍ بالنسبة إلى كلِّ أجزاء الأرض والسماء، ثم ألتجِئُ من الاستحباءِ إلى حصن: لا أُحصي ثناءً عليك أنتَ كما أثنيت على نفسك، يا مَنْ آلاؤه عليَّ بلا إحصاء، وأكمل الصَّلاة وأدومها على رسوله محمد قدوة الأنبياء، ومتمَّم مكارم الأخلاق، ومُسدَّد الملة العوجاء، والتحية والرضوان على آله وأصحابه، وأزواجه وأولاده، ومَنِ اقتدى به إلى يوم الفصل والقضاء.
أمّا بعد:
فقد ألحَّ عليَّ زمرةُ خِلاني وثلة خُلَصائي أن أشرح لهم كتاب "المصابيح" تصنيف الإمامِ الهمامِ وليَّ الإنعام على أهل الإسلام، ركن الشريعة، مُحيي السنة، أبي محمد، الحسين بن مسعود الفرَّاء، جزاه الله عن الإسلام والمسلمين الخير وأرضاه، وجعل الجنة مأواه، وطلبوا أن لا يكون مطولاً مُمِلًّا، ولا مختصرًا مُخِلًا، فأجبتهم إلى ذلك، وأوردتُ في أول الكتاب مقدمةً في اصطلاحات أصحابِ الحديث، وأنواع علوم الحديث، وأوردتُ فيه كلَّ راوٍ لم يكن مذكورًا في متن "المصابيح"، وتركتُ ذكر من هو مذكورٌ فيه، وسمَّيته بكتاب: