قوله:"من ضيقِ الدنيا"، أراد به مكارهَ الدنيا وشدائدَها؛ لأنَّ مَنْ به مشقةٌ من مرضٍ، أو دَيْنٍ، أو ظُلْمٍ صارت الأرضُ بعينه ضَيقةً، كقوله تعالى للنبي وأصحابه عليه السلام ورضي الله عنهم في قصةِ حُنينٍ لمَّا هَزَمَهم الكافرون: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (٢٥) ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ ...} [التوبة: ٢٥ - ٢٦] إلى آخر الآية، يعني: لمَّا غلبتِ الكفارُ عليكُم صارتِ الأرضُ الواسعةُ في أعينكم ضَيقةً من الغَمِّ، ثم نَصَرَكم الله حتى هزمتموهم، وكذلك المرادُ من ضيق يومِ القيامة.
* * *
٣٢ - باب التَحريض على قيام الليل
(باب التحريض على قيام الليل)
مِنَ الصِّحَاحِ:
٨٦٩ - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يعقِدُ الشيطانُ على قافيةِ رأسِ أحدِكم إذا هو نامَ ثلاثَ عُقَدٍ، يضربُ على كلِّ عُقدةٍ: عليكَ ليلٌ طويلٌ فارقُدْ، فإن استيقظ فذكرَ الله تعالى انحلَّتْ عقدةٌ، فإنْ توضَّأَ انحلَّتْ عُقدةٌ، فإنْ صلى انحلَّتْ عُقدةٌ، فأصبح نَشيطًا طيبَ النفسِ، وإلا أصبحَ خبيثَ النفسِ كسلانَ".
قوله:"يَعْقِدُ الشيطانُ على قافيةِ رأسِ أحدِكم ... " إلى آخره، (يَعْقِدُ)؛ أي: يَشُدُّ، (القافية): القَفَا، "العُقَدُ": جمع عُقْدَة، وهي ما يُعْقَد، "عليكَ ليلٌ طويلٌ"؛ يعني: يحببُ النومَ إليه ويقول له كلَّما أرادَ أن يقومَ: ارقُدْ، فإنَّ الليلَ طويلٌ، وليس وقت القيام بعد، فيأمره بالرقود، فمن خالفَه وذكرَ الله وأعاذَ به من