أصحابه، لم يحقِدْ على أحد منهم، فرِضاهُ رِضَى الحقِّ، فتطِيبُ عاقبةُ الصحابة كلِّهم لَمَّا مضى الرسولُ راضيًا عنهم، فَيَنْهى أن يُنْهى إليه شيءٌ من مَسَاوئهم، فيخرج عن الدنيا وقد حَقِدَ عليهم مُغْتَاظًا، وغَيظُه يُهْبطُ درجةَ ذلك الصحابي، فيصيرُ متعرِّضًا لغضب الله، وقد كان رؤوفًا بأصحابه، فيحترِزُ من السَّخط الإلهي، وفيه أيضًا دليل على سَتر العيوبِ على المسلم، فيستُرُ على مَنْ سَتَره الله.
* * *
٣ - باب مَنَاقِبِ أَبي بَكْرِ الصَّديق - رضي الله عنه -
(بابُ مَنَاقِبِ أَبي بَكْرٍ الصِّدِّيق - رضي الله عنه -)
مِنَ الصِّحَاحِ:
٤٧٠٩ - عَنْ أَبي سَعيدٍ الخُدرِيِّ - رضي الله عنه -، عَنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:"إنَّ مِنْ أَمَنِّ النَّاسِ عَليَّ في صُحبَتِهِ ومَالِهِ أبا بكرٍ، ولَوُ كُنتُ مُتَّخِذًا خليلاً مِن أُمتي لاتَّخَذْتُ أبا بكرٍ، ولكنْ أُخُوَّةُ الإسلامِ ومَودَّتُه، لا يَبقَى في المسجدِ خَوْخةٌ إلا خَوْخَةُ أبي بكرٍ".
وفي روايةٍ:"لو كُنْتُ مُتَّخِذًا خَليلاً غيرَ ربي لاتَّخَذْتُ أبا بكرٍ".
قوله:"إنَّ مِنْ أمَنَّ الناسِ عليَّ في صُحبته ومالِه أبو بكر"؛ أي: مِنْ أَسْمَحِهم وأكثرهم بَذْلاً باختياره، مِنْ: منَّ عليه مَنًّا، بمعنى: الإحسان، لا مِنْ: منَّ عليه مِنَّة؛ لأن المِنَّة تَهْدِم الصَّنيعة، فلا يستحقُّ صاحبها الحمد، ولأنه ليس لأحد مِنَّة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بل المِنة له على جميع الأمة.
قوله:(أبو بكر)، قياسه: أبا بكر، ليكون اسم (إنّ)، والجار والمجرور خبره، لكن روي برفع (أبو) وفيه أوجه:
الأول: أن تكون (من) زائدة على مذهب الأخفش؛ أي: إنَّ أمنَّ الناس.