"الحُبْلَى": الحامل، يجوز للمُرضع والحامل الإفطارُ إذا خافَتَا أن يلحقَهما أو يلحقَ ولدَيهما ضررٌ بالصوم باتفاق العلماء، وأما في الفدية خلافٌ؛
فقال الشافعي وأحمد: يُطعمانِ المساكين عن كلِّ يومِ مُدًّا من الحِنطة أو قُوتَ غيرها إن كان قُوته غيرَ الحِنطة.
وقال أبو حنيفة: ليس عليهما الفديةُ، وقال مالك: تجب على الحامل دون المُرضع؛ لأن الحاملَ يلحق الضررُ نفسَها والمُرضعَ ولدَها، فتكون الحاملُ كالمريض ولا بد من القضاء بالاتفاق.
روى هذا الحديثَ "أنسُ بن مالك" - رضي الله عنه -، الذي هو من بني عبد الله ابن كعب، ولم يروِ (أنسٌ) غيرَ هذا الحديث، و (أنسٌ) هذا ليس بـ (أنسٍ) الذي هو خادمُ النبي عليه السلام.
قوله:"مَن كانت له حَمُولةٌ يأوي إلى شِبعٍ فَلْيَصُمْ رمضانَ حيث أدركَه"، (الحَمولة) بفتح الحاء: المركوب؛ يعني: مَن كان راكبًا وسفرُه قصيرًا بحيث يبلغ إلى المنزل في يومِ فَلْيَصُمْ رمضانَ، والمراد بقوله:(تأوي إلى شبعٍ): الوصول إلى المنزل؛ يعني: إذا كانت المسافةُ أقلَّ من ستةَ عشرَ فرسخًا لا يجوز الإفطارُ.
وقال داود: يجوز الإفطارُ في السفر أيَّ قَدْرٍ كان، ويحتمل أن يكون معنى هذا الحديث: أن مَن كان راكبًا ومعه زادٌ يفطر به في الليل فَلْيَصُمْ رمضانَ، وإن كان سفرُه طويلًا؛ لأن الراكبَ قلَّما تلحقه مشقةُ السفر، وعلى هذا التأويل يكون أمرَ استحباب؛ يعني: الصومُ أحبُّ في السفر من الإفطار، والله أعلم.