أيضًا: أنَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"الصائمُ المتطوِّعُ أمير نفسِه"؛ أي: هو حاكمٌ على نفسه، إن شاءَ أفطرَ وإن شاءَ صامَ.
* * *
١٤٨٦ - عن عائشة رضي الله عنها قالت: كُنْتُ أنا وحَفْصَة صائِمَتَيْنِ، فعُرِضَ لنَا طَعامٌ اشْتَهَيْناهُ، فأَكَلْنا مِنْهُ، فقالَتْ حَفْصَةُ: يا رسُولَ الله!، إنَّا كُنَّا صائِمَتَيْنِ، فعُرِضَ لنا طَعامٌ اشْتَهَيْناهُ، فأَكَلْنا منهُ، قال:"اقْضيا يَوْمًا آخَرَ مَكانَهُ"، وهذا يُروى مُرسلًا على الأَصحَّ عن الزُّهريِّ عن عائشة رضي الله عنها.
قوله:"اقضيَا يومًا آخرَ مكانَه"، قال الخطابي: هذا القضاءُ على سبيل التخيير والاستحباب؛ لأن قضاءَ شيءٍ يكون حكمُه حكمَ الأصل، وكما أن في الأصل كان الرجلُ فيه مخيَّرًا فكذلك في قضائه.
* * *
١٤٨٧ - عن أم عُمارَة بنت كَعْب: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال:"إنَّ الصَّائِمَ إذا أُكِلَ عِنْدَهُ صَلَّتْ عَلَيْهِ المَلائِكَةُ حتَّى يَفْرُغُوا".
قوله:"إن الصائمَ إذا أُكِلَ عندَه صلَّتْ عليه الملائكةُ حتَّى يفرغوا"، قصة هذا: أن رسولَ الله - عليه السلام - دخل على أُمِّ عُمَارة بنت كعب، فدَعَتْ أمُّ عُمارةَ بطعام لرسول الله عليه السلام، فدعاها رسولُ الله عليه السلام لتأكلَ هي أيضًا، فقالت: إني صائمٌ، فقال رسول الله عليه السلام:"إن الصائمَ إذا أُكِلَ عنده ... " إلى آخر هذا الحديث؛ تفريحًا لها بإتمام صومها؛ يعني: الصائمُ إذا رأى الطعامَ ورأى مَن يأكل الطعامَ عنده تَميلُ نفسُه إلى الطعام، فيكون الصيامُ عليه شديدًا في هذه الحالة، فمَن صبرَ على الصوم مع هذه المشقة "صلَّت عليه الملائكة"؛ أي: استغفروا له عِوَضًا عن هذه المشقة.