الوداع لشغلٍ غير شدِّ الرَّحل على الرَّاحلة، فليعِدْ طواف الوداع، وطوافُ الوداعِ واجبٌ في أصح القولين، فإن تركه لزمه دم.
قوله:"إلا أنه خُفِّفَ عن الحائض"؛ يعني: جُوِّزَ للحائض تركَ طواف الوداع.
* * *
١٩٣٩ - وقالت عائشةُ رضي الله عنها: حاضَتْ صَفِيَّةُ لَيْلَةَ النَّفْرِ، فقالتْ: ما أُراني إلَاّ حابستَكُمْ, فقالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "عَقْرَى، حَلْقَى، أطافَتْ يَوْمَ النَّحْرِ؟ "، قيل: نَعَمْ، قال:"فانْفِري".
قول صَفِيَّة رضي الله عنها:"ما أُرَاني إلا حابسَتَكُمْ"؛ أي: ما أظنُّ نفسي إلا أني قد مَنَعْتُ الناس عن الخروج إلى المدينة حتى أطْهُرَ وأطوف طواف الوداع، وإنما قالت هذا؛ لأنها ظنت أن طواف الوداع واجب عليها، فبيَّنَ رسول الله - عليه السلام - بعد هذا أنها إذا طافَتْ يوم النحر طواف الفرض جازَ لها أن تنفرَ - إذا حاضت - من غير طواف الوداع.
قوله لصفية:"عَقْرَى حَلْقَى": قال الخطابي: هكذا رُوي على وزن (فَعْلى) بفتح الفاء مقصور الألف، وحقه أن يكون منونًا ليكونَ مصدرًا؛ أي: عقرها الله عقرًا وحلقها حلقًا.
ومعنى (العَقْر): التجريح والقتل وقطعُ عَقِبِ الرجل، و (الحَلْق): إصَابة الوجَع في الحَلْقِ، أو ضرب شيء على الحَلْقِ.
بل جاء هذان اللفظان على الأصل، وهو (فَعلى) تأنيث (فَعْلان)، كـ (عطشى) تأنيث (عَطْشان)؛ أي: جعلها الله تعالى (عَقْرى)؛ أي: عاقرًا؛ أي: التي لا تلد، وجعلها الله (حَلْقى)؛ أي: صاحبة وَجع الحَلْق.