(ولا خِبثَة): عطف على ما قبله؛ يعني: بشرط ألا يكون هذا العبدُ ممن لا يجوز بيعُه.
قوله:"بيعَ المسلم المسلمَ"؛ يعني: بيعًا مشروطًا بجميع شرائطه، كبيع المسلم من المسلم؛ يعني: كما يجري بين المسلمين، وهذا الحديث يدل على جواز كتابة الصُّكوك، و (الصُّكوك) جمع: صَكًّ، وهي القَبَالَة، وقد أتى في القرآن الأمرُ بكتابة القَبَالَة، وهي أمر ندب، لا أمرُ وجوبٍ، وهو قوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ}[البقرة: ٢٨٢]، وفُسِّر هذا الدَّين بالسَّلَم.
* * *
٢١٠٧ - عن أنسٍ - رضي الله عنه - أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - باعَ حِلْسًا وقَدَحًا، فقال: مَنْ يشتري هذا الحِلْسَ والقَدَحَ؟، فقال رجلٌ: آخُذُهُما بدِرْهَمٍ، فقالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ يَزِيدُ على دِرْهَمٍ؟ "، فأَعطاهُ رجُلٌ دِرْهَمَيْنِ فباعَهُما منهُ.
قوله:"مَن يزيدُ على درهم؟ فأعطاه رجلٌ درهمَين، فباعهما منه": هذا دليلُ جوازِ الزيادة على الثمن، وليس هذا السَّومَ على السَّوم، وإنما السَّومُ على السَّوم: أن يرضى البائعُ بما قال المشتري من الثمن، ثم يزيد أحدٌ على الثمن الذي رضي به البائع، أمَّا لو عيَّن طالبٌ ثمنًا ولم يرضَ البائعُ به جازَ الزيادةُ على ذلك، ويُسمي هذا بيعَ مَن يزيد.
وقصة هذا: أن رجلاً سأل رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - صدقةً، فقال:"هل لك شيء؟ " فقال: ليس لي إلا حِلْسٌ وقَدَحٌ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بِعِ القدحَ والحِلسَ وكُلْ ثمنَهما، فإذا لم يكن لك شيءٌ فاطلُبْ حينَئذٍ الصدقةَ"، فباعهما رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -.