الأَولى والأحوطُ أن يكتب كتابًا، كم ماله، وكم له على الناس من الديون والأمانات، ويسمي كلَّ واحد ممن عندهم دَينه وأمانته، ويسمِّي قدْرَ الدين والأمانة وجنسهما وصفتهما، ويكتب أيضًا ما للناس عليه من الدين والأمانة، ويبين كلَّ واحد باسمه وصفته، ويسمي أيضًا جنس الديون والأمانات وصفاتها، ويكتب أيضًا إن أوصى بأن يعطى من ماله شيءٌ إلى الفقراء ومصارف الخير، وإنما يكتب لأنه ربما يموت بغتةً ولا يقدر على الوصية، فيبقى حق الناس على ذمته من الديون والأمانات، ويضيع ماله عليهم أيضًا من الديون والأمانات؛ لأن الغالب أن الورثة لم يعرفوا جميع أحواله ومعاملاته.
قوله:"يبيت ليلتين": هذا تأكيدٌ في استحباب كَتْبِ الوصية؛ لأن قَيْدَ ليلتين غيرُ مقصود؛ يعني: لا ينبغي له أن يَمضي عليه زمانٌ - وإن كان قليلًا - إلا ووصيتُه مكتوبة.
روى هذا الحديث ابن عمر.
* * *
٢٢٨٠ - عن سعدِ بن أبي وقَّاصٍ - رضي الله عنه - قال: مرضتُ عامَ الفتح مَرَضًا أَشفيْتُ على الموتِ، فأتاني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يعودُني فقلتُ: يا رسولَ الله إنَّ لي مالًا كثيرًا، وليسَ يرثُني إلا ابنتِي، أَفَأُوصي بمالي كلِّه؟ قال:"لا"، قلتُ: فثُلُثَي مالي؟ قال:"لا"، قلت: فالشَّطرُ؟ قال:"لا"، قلت: فالثُّلثُ؟ قال:"الثُّلثُ، والثلثُ كثيرٌ، إنَّكَ أنْ تذرَ ورثتَكَ أغنياءَ خيرٌ مِن أنْ تذرَهم عالةً يتكفَّفُونَ الناسَ، وإنك لن تُنفِقَ نفقةً تبتَغي بها وجهَ الله إلا أُجِرْتَ بها، حتى اللُّقمةَ ترفعُها إلى في امرأتِكَ".