قوله:"فأطافَ بآلِ محمدٍ نساءٌ كثيرٌ"؛ يعنىِ: اجتمعت نساءٌ كثيرٌ على باب النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَشتكينَ كثرةَ ضرب أزواجهنَّ.
قوله:"ولا تجدونَ أولئكَ خيارَكم"؛ يعني: ليس مَن ضربَ زوجتَه خيرٌ ممن لا يضرب زوجتَه؛ بل الَّذي لا يضربُ زوجتَه خيرٌ من الَّذي يضربها.
في هذا الحديث ثلاثةُ أشياءَ:
أحدها: النهي عن ضرب النساء.
والثاني: الإذن في ضربهنَّ.
والثالث: بيان خيريَّة مَن لا يضربُ زوجتَه على مَن يضربُ زوجتَه.
اعلمْ أنَّ ترتيبَ هذه الأشياء الثلاثة: أنَّه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ضربهنَّ أولًا، فلما ذَئِرَ النساءُ، أَذنَ في ضربهنَّ؛ كيلا يَنشزْنَ [على] أزواجهنَّ، ولا يَغلبن عليهم، فبقي هذا الحُكمُ؛ أعني: أنَّ ضربَهنَّ جائزٌ إذا نشَزْنَ [على] أزواجهنَّ، أو تَركْنَ أوامرَ الله، أو فَعلْنَ شيئًا من المناهي.
وتأويل قوله:(ولا تجدون أولئك خيارَكم) أنَّ الصبرَ معهنَّ والعفوَ عن سوء أدبهنَّ خيرٌ من ضربهنَّ، مع أنَّ ضربَهنَّ جائزٌ، وهذا في نشوزهنَّ؛ فإن النُّشوزَ معناه: تركُ حقٍّ الزوج، والزوجُ لو رضيَ بترك حقِّه يكون خيرًا، وإنما لا يجوز للزوج أن يَرضَى بتركِ المرأة شيئًا من أوامر الله تعالى أو فعلِـ[ـها] شيئًا من المناهي.
* * *
٢٤٣٩ - عن أبي هريرةَ - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس مِنا مَن خَبَّبَ امرأةً على زَوْجِها أو عبدًا على سيدِه" أي: أفسدَ.
قوله:"مَن خبَّبَ امرأةً على زوجها"، (التخبيب): الإفساد، والمراد به