قال الشيخ رحمه الله: وهذا في الثَّنَوي الذي لا يعتقد التوحيدَ؛ إذا أتى بكلمة التوحيد يُحكَم بإسلامه، ثم يُجبَر على سائر شرائط الإسلام، فأمَّا مَن يعتقد التوحيد، لكنه ينكرُ الرسالةَ، فلا يُحكَم بإسلامه بمجرَّد كلمة التوحيد حتى يقول: محمَّدٌ رسولُ الله، فإذا قاله كان مسلمًا؛ إلا أن يكونَ من الذين يقولون: إنَّ محمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - مبعوثٌ إلى العرب خاصةً، فحينَئذٍ لا يُحكَم بإسلامه بمجرَّد الإقرارِ بالرسالة حتى يُقرَّ: أنه مبعوثٌ إلى كافة الخلق، ثم يُستحَبُّ أن يُمتحَن بالإقرار بالبعث والتبرُّؤ عن كل دِينٍ خالَفَ الإسلام.
وذهب أكثرُ أهل العلم إلى قَبول توبة الكافر الأصلي والمُرتد، وذهب جماعةٌ إلى أن إسلام الزَّنديق والباطنيَّة لا يُقبَل، ويقتلون بكلَّ حال، وهو قول مالك وأحمد، وقالت طائفة: إذا ارتدَّ المسلمُ الأصليُّ، ثم أسلمَ، لا يُقبَل إسلامُه، فأمَّا الكافرُ الأصليُّ إذا أسلمَ ثم ارتدَّ، ثم عاد إلى الإسلام، يُقبَل إسلامُه، وظاهرُ الحديث دليلُ العامةِ على قَبول إسلام الكل.
وفي قوله:(هلا شققتَ عن قلبه) دليلٌ على أن الحكمَ إنما يجري على الظاهر، وأنَّ السرائرَ مَوكولةٌ إلى الله - عز وجل -، وليس في الحديث: أنه ألزَمَ أسامةَ الدِّيةَ.
قال أبو سليمان الخطَّابي: يشبه أن يكونَ المعنى فيه: أنَّ الأصلَ في دماء الكفار الإباحةُ، وكان عند أسامةَ أنه إنما تكلَّم بكلمة التوحيد مُستعيذًا من القتل، لا مُصدَّقًا به، فقتلَه على أنه مُباحُ الدم، وأنه مأمورٌ بقتله، والخطأُ عن المجتهد موضوعٌ، أو تأوَّل في قتله: أنه لا توبةَ له في هذه الحالة؛ لقوله تعالى:{فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا}[غافر: ٨٥].
* * *
٢٥٩١ - وقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن قتلَ مُعاهِدًا لم يَرِحْ رائحةَ الجنةِ، وإنَّ