و"غُرةٍ عبدٍ أو أَمَةٍ" بالتنوين، والإضافةُ روايةٌ، قيل: رواية التنوين أكثرُ، ووجه التنوين: أنه يكون (العبدُ) عطفَ بيانٍ أو بدلاً، وإذا رُفع (العبدُ) فهو خبر مبتدأ محذوف؛ أي: هي عبدٌ، وإذا نُصب يُحتمَل أن يكونَ تمييزًا، ويُحتمَل أن يكونَ مفعولاً به؛ أعني: عبدًا أو أَمَةً.
قوله:"والعَقل على عصبتها"، قيل: أراد بـ (العَقل) ها هنا: الغُرَّة التي هي جنين المضروبة، ويُحتمل أن المراد بالعَقل: الدِّيةُ المضروبة.
* * *
٢٦١٧ - وعن أبي هريرةَ - رضي الله عنه - قال: اقتتلَت امرأتانِ من هُذَيلٍ فرمَتْ إحداهما الأخرى بحَجَرٍ فقتلَتْها وما في بطنِها، فقضَى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أنَّ دِيَةَ جنينِها غُرَّةٌ: عبد أو وَلِيدَةٌ، وقضَى بديَةِ المرأةِ على عاقِلَتِها، وَوَرَّثَها وَلَدَها ومَن معهم.
قوله:"وقضى بدِية المرأة على عاقِلَتِها"، (العاقلة): العَصَبة، وهي القرابة مِن قِبَل الأب؛ وإنما سُمِّيت عاقلةً لأنها مأخوذةٌ من (العَقل) الذي هو بمعنى الشدِّ، وذلك أنَّ القاتلَ كان يأتي بالإبل فيَعقلُها، أي: يشدُها بالعِقال في فِناء المقتول.
وقيل: سُمِّيت عاقلةً لأنها مأخوذة من (العَقل) وهو المنع، وبه سُمَّي العقلُ المُركَّب في الإنسان؛ لأنه يمنعه عما لا يَحسُن ولا يَجمُل.
وليس ذلك بقياسٍ لمؤاخذة غير الجاني بجناية الجاني؛ ولكنَ أهلَ القاتل كانوا ينصرون الجاني منهم، ويمنعون أولياء المَجنيِّ عليه من طلب حقَّهم، فجعل الشرعُ تلك النصرةَ ببذل المال.
واختصَّ بالخطأ وشبه العمد، لأنه مما لا يمكن الاحترازُ عنه، ويكثر ذلك،