قوله:"مكاثِرًا"، (المكاثَرَةُ): أن يقولَ رجلٌ لآخر: أنا أكثرُ منك مالاً وعددًا؛ يعني: إن غزوتَ ليقال: جيشُكَ أكثرُ وأشجعُ من جيش أميرٍ آخرَ، وخُدَّامُك وخيلُك أكثرُ من غيرك؛ فليسَ لك ثوابٌ، بل ينادى يومَ القيامة: إن هذا قد غزا فخرًا ورياءً، لا محتسِبًا؛ أي: لا طالبًا لثواب الله.
* * *
٢٩١٣ - عن عُقبَةَ بن مالكٍ، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال:"أَعَجَزتُم إذا بَعثتُ رَجُلاً فلم يَمْضِ لأمري، أنْ تَجْعَلُوا مكانَه مَن يَمضي لأمري".
قوله:"أَعَجَزْتُم إذا بعثتُ رجلاً فلم يمضِ لأمري أن تَجْعلُوا مكانَه مَن يَمْضي لأمري".
(يمضي)؛ أي: يذهبُ؛ يعني: إذا جعلتُ عليكم أحدًا أميرًا، وأمرتُ ذلك الأميرَ بأمرٍ، فلم يُطِعْني ذلك الأميرُ، ولم يذهبْ إلى حيثُ أرسَلْته، فاعزِلُوه، وأقيموا مكانَه أميرًا آخر.
وهذا الحديثُ معمولٌ به أبدًا إذا كان الأميرُ لا يحفَظُ أمرَ الرعية، ويظلمُ عليهم جاز أن يعزِلَه المسلمون، ويقيموا مُقَامه آخرَ إن أمكنَ العَزْلُ بغير إثارةِ فتنةٍ، وإراقةِ دماءٍ، فإن احتاجَ في عزلِه إلى إراقَة دمِه، ودمِ جماعةٍ من مُحِبيه، فانظر؛ فإن كان لا يُرِيقُ دمَ أحدٍ ظلمًا، بل يظلمُ عليهم في الأموال لا يجوزُ قتلُه، ولا قتلُ أحدٍ من محبيه.
وإن كان يقتلُ الناسَ ظلمًا، فانظر؛ فإن كان حصولُ القتلِ في عزله أقلَّ من القتل في بقائه على العمل جازَ قتلُه وقتلُ متعصِّبيه، وإن كان القتلُ في عزلِه أكثرَ من القتل في بقائه على العمل، لا يجوزُ عزلُه.