الليل، والمراد بالدُّلْجَة هنا: السيرُ آخرَ الليل؛ يعني: لا تَقْنَعُوا بالسير نهارًا، بل سِيرُوا آخرَ اللَّيلِ أيضًا.
"فإنَّ الأرضَ تُطْوَى بالليل"؛ أي: يَسْهُلُ السيرُ من الليل بحيث يَظُنُّ الماشي في الليل أنه سارَ قليلًا من المسافة، وقد سارَ مسافةً كثيرةً.
* * *
٢٩٦١ - وعن عمرو بن شُعيبٍ، عن أبيه، عن جدِّه: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"الرَّاكِبُ شيطانٌ، والرَّاكِبانِ شيطانانِ، والثلاثةُ رَكْبٌ".
قوله:"والراكب شيطان"؛ يعني: مشيُ الواحدِ منفردًا منهيٌّ، وكذلك مشيُ الاثنين، فإذا فعَل رجلٌ منهيًّا فقد أطاعَ الشيطانَ في فِعْلِ منهيًّ، فكلُّ مَنْ فَعلَ فعلًا على وِفْقَ أمرِ الشيطانِ، فكأنَّه شيطانٌ، فلهذا سمَّاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيطانًا.
وإنما كان مشيُ الواحدِ والاثنين منهيًّا؛ لأن الاثنين إذا سافرا، فربما يموتُ أحدُهما، فيَبْقَى واحدٌ، ولم يَقْدِر الواحدُ على القيام بتجهيز دَفْنِه من حَمْلِ الجنازة، والغُسْل، وحَفْرِ القبر، ووضعِ الَميتِ في القبر، ولو كانوا ثلاثةً وماتَ واحدٌ يبقى الاثنان، ويقدِرُ الاثنان على تجهيز دَفْنِ الميت، فلهذا سَيْرُ الثلاثة غيرُ منهيًّ، وسيرُ اثنين منهيٌّ.