قوله:"لا آكل متكئًا"، يحتمل أن يريد بالاتكاء هنا: أن يَسْنُدَ ظهرَه إلى شيء، أو يضعَ إحدى يديه على الأرض، ويتَّكأ عليها، أو يقعُدَ متكئًا على الأرض ويستوي جالسًا، كلُّ ذلك منهيٌّ عند الأكل؛ لأن فيها تكبُّرًا.
قال الخطابي: الاتكاء هنا: أن يقعد متمكِّنًا مستويًا جالسًا، بل السنَّةُ أن يقعُد عند الأكل مائلًا إلى الطعام مُنحنيًا.
* * *
٣١٩٨ - وعن قَتادةَ، عن أنسٍ - رضي الله عنه - قال: ما أكلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - على خِوانٍ ولا في سُكُرُّجَةٍ، ولا خُبزَ لهُ مُرَقَّقٌ. قيل لقتادةَ: علامَ يأكُلونَ؟ قال: على السُّفَرِ.
قوله:"ولا في سُكُرُّجَة"؛ أي: ولا في قَصْعة صغيرة، وفارسيتها: سكرة، وإنما لم يأكل من السُّكُرُّجة؛ لأن في الأكل منها تكبّرًا، ولأنها من علامة البخل.
قوله:"ولا خبز له مرقق"، (خبز) ماض مجهول. (المرقق): الخبز الرقيق، وفي هذا أيضًا تكبر وتنعُّم.
قوله:"على السُّفَر"، هي جمع سُفْرة، وهي معروفة.
* * *
٣١٩٩ - وقال أنسٌ - رضي الله عنه -: ما أعلمُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - رأَى رغيفًا مُرقَّقًا حتَّى لحِقَ بالله، ولا رأَى شاةً سَميطًا بعَيْنِهِ قطُّ.
قوله:"رغيفًا", (الرغيف): الخبز.
"سَميطًا"؛ أي: مَشْويًا مع جِلْده بعد تنقيته من الشَّعر، وفي هذا تنعُّم، فلهذا لم يأكله النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -.