"قال: ذلك وأبي الجُوعُ": (ذلك) المبتدأ، و (الجوع) خبره؛ يعني: ذلك الشرب الذي يقولون قليل تجوعون مع هذا الشرب.
قوله:"وأبي"، هذا قسم اعْتَرضَ بين المبتدأ والخبر، فإن قيل: لا يجوز القَسَم بغير اسم الله وصفاته، فَلِمَ أقسمَ النبيُّ بأبيه؟
قلنا: ليس هذا القسم على وجهِ تعظيم أبيه، بل هذا اللفظ جرى على لسانه - صلى الله عليه وسلم - كما هو عادة العرب.
"فأحل لهم الميتة على هذه الحال"؛ يعني: إذا كان لهم طعام أو شراب ولا يكفيهم جاز لهم أكلُ الميتة بقَدْر الشبع عند مالك وأحدِ قولي الشافعي، ولا يجوز إلا بقدر سَدِّ الرَّمَق عند أبي حنيفةَ وأحدِ قولي الشافعي.
* * *
٣٢٧٧ - عن أبي واقِدٍ اللَّيْثيِّ: أنَّ رجُلًا قال: يا رسُولَ الله! إنَّا نكُونُ بالأرضِ فتُصيبنا بها المَخْمَصَةُ، فمتَى تحلُّ لنا المَيْتةُ؟ قال:"ما لمْ تصْطَبحُوا أو تَغْتَبقُوا أو تَحْتفِئُوا بها بَقْلًا فشأنُكُمْ بها" معناه: إذا لم تجدوا صَبُوحًا ولا غَبُوقًا ولم تجدوا بَقْلةً تأكلونها حلَّتْ لكم المَيْتَةُ".
قوله: "فتصيبنا بها المخمصة"؛ أي: الجوع.
قوله: "ما لم تصطبحوا أو تغتبقوا أو تحتفوا"، و (تحتفوا) - بالحاء المهملة -: أصله: تحتفيوا، فقلبت حركة الياء إلى الفاء وحذفت الياء، ومعناه: تحتفوا هذا هو الرواية، ويجوز (تختفوا) بالخاء المعجمة، ويجوز أيضًا (تحتفئوا) بالحاء المهملة وبالهمز بعد الفاء، معنى جميعِها واحدٌ؛ يعني: إنما يحل لكم أكل الميتة إذا لم تجدوا شيئًا تأكلونه في الصباح أو في المساء، ولا تجدون بَقْلًا تقلعونه وتأكلونه فحينئذ يحِلُّ لكم أكل الميتة، فإن وجدتم