فيما لم يُؤمرْ فيهِ، وكانَ أهلُ الكتابِ يَسدِلُون أشعارَهم، وكانَ المشركونَ يَفرُقون رؤوسَهم فسَدَلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ناصيتَه ثم فَرَقَ بعدُ.
قوله:"يحب موافقةَ أهل الكتاب فيما لم يُؤمَر فيه"؛ أي: فيما لم يُنزل فيه إليه - صلى الله عليه وسلم -؛ يعني: موافقةُ أهل الكتاب أَولى من موافقة المشركين الذين لا كتابَ لهم؛ لأن أهلَ الكتاب احتمل أن يعملوا بما ذُكر في كتابهم، ولا يُحتمل هذا في المشركين.
قوله:"وكان أهلُ الكتاب يَسدِلون أشعارَهم، وكان المشركون يفرقون رؤوسَهم": أراد بـ (السَّدل) هنا: إرسال الشَّعر حول الرأس من غير أن يقسمَه نصفَين، وأراد بـ (الفَرق): أن يقسمَه نصفَين ويرسلَ نصفًا من جانب يمينه على الصدر ونصفًا من جانب يساره على الصدر.
أورد عبد الرحمن بن أبي عبد الله بن منده في كتابه المسمى بـ "إكرام الشَّعر": أن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: إن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قدم المدينةَ، فرأى اليهودَ يسدلون أشعارَهم، وكان إذا لم يُؤمَر به أحبَّ موافقةَ أهل الكتاب، فسدلَ وسدلَ المسلمون، ثم أتاه جبريل - صلى الله عليه وسلم - فأخبره بالفَرق، ففرقَ وفرقوا رؤوسَهم، وكان أئمةُ الهدى يأمرون بالفَرق.
قد روت أمُّ هانئ: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قدم مكةَ، وله أربعُ غدائر؛ أي: ذوائب، وكان - صلى الله عليه وسلم - يُرسل شَعره وقتًا غيرَ مفتولٍ، ووقتًا مفتولًا؛ فاختلافُ الروايات هذا وجهُه.
* * *
٣٤١٦ - عن نافعٍ، عن ابن عمرَ - رضي الله عنه - قال: سمعتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ينهي عن القَزَعِ. قيلَ لنافعٍ: ما القَزَعُ؟ قال: يُحْلَقُ بعضُ رأسِ الصَّبي ويُتْرَكُ البعضُ، وأَلحقَ بعضُهم التفسيرَ بالحديثِ.