فإن قيلَ: لم يَجُزْ للنبيَّ - صلى الله عليه وسلم - إنشاءُ الشعر، فكيف أنشأَ هذا البيتَ؟
قلنا: اختلف العلماء في أنه - صلى الله عليه وسلم - هل كانَ يُحْسِنُ الشعرَ أم لا؟
فقال بعضهم: يحسنُ الشعر ولكن لا يقولُه، كي لا يقولَ الكفار: إنه شاعر.
وقال بعضهم: إنه - صلى الله عليه وسلم - لا يحسِنُ الشعرَ وهو الأصحُّ، فقوله تعالى:{وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ}[يس: ٦٩].
وأما إنشاؤه هذا الشعرَ وأشباهَه: فإن هذا رَجَزٌ، والرَّجَزُ ليس من الشعر في قول، وفي قول الرَّجَزُ شعرٌ، ولكن قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "هل أنتِ إلا إصبعٌ دَمِيتِ" بكسر التاء، وكذلك:"ما لَقِيْتِ" بكسر التاء من غير مدِّها؛ ليخرجَ من نَظْم الشِعر، ولم يقصِدْ بتكلُّمه - صلى الله عليه وسلم - بهذا أو أشباهه الشعرَ، ولكن خرَج من عامَّةِ فصاحته على نَظْمِ الشعر من غير قصدهِ الشِّعْرَ.
* * *
٣٧٢٥ - وعَنِ البَراءِ بن عَازِبٍ - رضي الله عنه - قَال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يومَ قُرَيْظَةَ لِحَسَّانَ بن ثابتٍ:"اهْجُ المُشْرِكينَ، فإنَّ جِبْرِيلَ مَعَكَ".