الرَّحِمِ مَحَبَّةٌ في الأَهْلِ، مَثْراةٌ في المالِ، مَنْسَأَةٌ في الأَثَرِ"، غريب.
قوله: "تعلَّموا من أنسابكم ما تَصِلُون به أرحامَكم"؛ يعني: تعلَّموا أسماء آبائكم وأجدادِكم وأعمامِكم وأخوالِكم وجميعِ آبائكم؛ لتعرِفُوا أقاربكم؛ ليمكنكم صلةُ الرَّحِم، فإنَّ معنى صلةِ الرَّحِم معاونةُ الأقاربِ والإحسانُ إليهم والتلطُّفُ بهم، ومجالسَتُهم ومكالمَتُهم ومداخلَتُهم وما أشبهَ ذلك مما يتعلَّق بالتقرب إليهم والشفقةِ عليهم، وما لم يَعْرِفِ الرَّجُلُ أقاربَه لم يُمْكِنْه صلةُ الرَّحِم.
"محبةٌ في الأهل"؛ يعني: إذا كان بين الآباء تواصلٌ وتعارفٌ تكون بين الأولاد محبةٌ مثوبات في المال.
* * *
٣٨٤١ - عن ابن عُمَرَ - رضي الله عنهما -: أنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فقالَ: يا رسولَ الله! إِنِّي أَصَبْتُ ذَنبًا عَظيمًا، فهل لي مِنْ تَوْبَةٍ؟ قالَ: "هل لكَ مِنْ أُمًّ"؟ قالَ: لا، قالَ: "وهَلْ لكَ مِنْ خالَةٍ"؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: "فَبرَّها".
قوله: "فبرَّها"، هذا أمر مخاطب من (بَّر يَبَرُّ) بوزن (عَلِمَ يَعْلَم): إذا أحسنَ إلى أحدٍ، كان ذلك الذنب ذنبًا.
عَلِمَ النبي - صلى الله عليه وسلم - أن صِلَةَ الرَّحِم تكون كفارةً لها، وكان ذلك الذنبُ من الصغائر لا من الكبائر، وإن كان من الكبائر كان مخصوصًا بذلك الرجل.
فإن قيل: قال الرجل: أصبتُ ذنبًا عظيمًا، فلم قُلْتم إنه ليس من الكبائر؟
قلنا: ظنَّ ذلك الرجلُ ذلك الذنبَ عظيمًا، وإن كان من الصغائر وهكذا؛ ليعتقدَ كلُّ مسلمٍ، فإنه لا يجوزُ أن يَحْتَقِرَ المسلمُ الذنبَ وإن كان صغيرًا، فإنَّ عصيانَ الله تعالى ليس بصغيرٍ، وإن كان ذنبًا يسيرًا، ولكنَّ الذنوبَ وإن كانتْ