بها, ولا دُنيا يتباذَلُون بها، يتحابُّون برُوحِ الله، يَجْعَلُ الله وُجوهَهُم نورًا، وتُجْعَلُ لهم منابرُ مِن نورٍ قُدَّامَ عَرْشِ الرَّحمنِ، يَفْزَعُ النَّاسُ ولا يَفْزَعُون، ويخافُ النَّاسُ ولا يخافُونَ".
قوله: "يغبطهم النبيون والشهداء", (الغبطة): أن يتمنى الرجل شيئًا؛ يعني: يتمنى النبيون والشهداء أن يكون لهم تلك المنازل لحسنها وطيبها وعظم قدرها.
وليس تمنَّي النبيين والشهداء تلك المنازل لأَجْلِ أن تكون تلك المنازل خيرًا من منازلهم، بل منازل النبيين خير، ولكن عادة الإنسان أن يتمنى ما رآه حسنًا، وإن كان له مثل ذلك الشيء، أو خيرًا منه.
قوله: "من بلدان شتى"؛ أي: من بلاد متفرقة يزور بعضهم بعضًا، ويحب بعضهم بعضًا لأجل الله تعالى لا لغرضٍ دنيوي.
"برُوح الله" بضم الراء، (الروح): ما به الحياة، والروح هنا: القرآن وأحاديث النبي؛ لأن بهما حياةَ القلوب، والحياةَ التي لا فناء بعدها؛ يعني: يتحابون بما في القرآن والأحاديث من الفوائد؛ يعني: يحب بعضهم بعضًا لمَّا وجدوا أن محبة الصلحاء وخدمتهم ونصرتهم مَرْضيَّة لله تعالى، ومُوجبةٌ للثواب.
"قدام الرحمن" هذا عبارة عن قرب المنزلة من الله تعالى.
"يفزع الناس ولا يفزعون"؛ أي: يخاف الناس ولا يخافون، (الفزع): الخوف، إلا أن الفزع أشدُّ أنواع الخوف.
* * *
٣٨٩٨ - عن ابن عبَّاسٍ قال: قال رَسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لأبي ذرٍّ: "يا أبا ذرًّ! أيُّ عُرَا الإيمانِ أَوْثَقُ؟ " قال: الله ورَسولهُ أعْلَمُ! قال: "المُوالاةُ في الله، والحُبُّ في الله، والبُغْضُ في الله".