قوله:"حتى يُعذروا من أنفسهم": يجوز كسر الذال وفتحها:
فأما كسر الذال: فهو مِن (أَعْذَرَ): إذا كان ذا ذنبٍ كثيرٍ محتاجًا إلى العذر من كثرة ذنوبه؛ يعني: لن يهلك الناس حتى تكثر ذنوبهم، و (من) في (من أنفسهم) للتبيين؛ أي: حتى تكثر ذنوب أنفسهم لا ذنوبُ غيرهم.
وأما فتح الذال: فهو مضارعٌ مجهولٌ من (أَعْذَر): إذا أزال عُذْرَ أحد؛ يعني: حتى يجعلهم الله بحيث لا يقدرون على العذر بأن يبعث عليهم الرسل، ويبينوا لهم الرشاد من الضلال، والحرام من الحلال، والحق من الباطل، فإذا عرفوا الحق من الباطل ولم يؤمنوا، أو آمنوا ولكن أكثروا المعاصي ولم يتوبوا، فحينئذ أهلكهم الله.
روى هذا الحديث أبو البَخْتَري، عن رجل من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام.
* * *
٣٩٩٣ - وقال:"إنَّ الله تعالى لا يُعذِّبُ العَامَّةَ بعَمَلِ الخاصَّةِ حتى يَرَوُا المُنْكَرَ بينَ ظَهْرانَيْهِم، وهم قادرونَ على أن يُنكِرُوهُ فلم يُنْكِروهُ، فإذا فعلُوا ذلكَ عذَّبَ الله العَامَّةَ والخَاصَّةَ".
قوله:"لا يعذب العامة" أراد بـ (العامة): أكثر القوم، وبـ (الخاصة): أقلَّهم.
"بين ظهرانيهم"؛ أي: بينهم.
روى هذا الحديث أنس.
* * *
٣٩٩٤ - وعن عبدِ الله بن مَسْعودٍ قال: قالَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لمَّا وَقَعَتْ بنو