للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

غامِضًا في النّاسِ لا يُشَارُ إليه بالأَصابعِ، وكانَ رزقُهُ كَفَافًا، فصَبَر على ذلكَ ثم نَقَرَ بيدِهِ فقال: "عُجِّلَتْ مَنِيَّتُه، وقَلَّتْ بواكيهِ، وقَلَّ تُرَاثُه".

قوله: "أغبطُ أوليائي(الأغبط): الذي حالُه أحسنُ وأربحُ من حال غيره؛ يعني بـ (أوليائي): الصالحين، والصالحون كلُّهم أحسن الحال، ولكن أحسنهم حالاً مَن هو موصوفٌ بما وُصف في هذا الحديث.

"خفيف الحاذ" قال في "صحاح اللغة": فلان خفيفُ الحاذ؛ أي: ضعيفُ الظهر؛ يعني: مَن ليس له كثرةُ عيال وكثرة شغل.

"غامضًا أي: مستورًا عن الناس لا يعرفه الناس، فإن الصالح إذا عرفه الناس يفتنونه، بأن يجتمعوا عليه ويحمدونه، فربما يظهر في نفسه غرور ورياء.

"ثم نقر بيده(نقر) بالراء المهملة: صوت ضرب بيده؛ يعني: ثم ضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إبهامَه بوسطاه حتى سُمع منه صوت.

وهذا فعلُ مَن تعجَّب مِن شيء، أو رأى شيئًا حسنًا، أو أظهر عن نفسه قلة المبالاة بشيء وقلة الحزن، أو أظهر طربًا؛ يعني: مَن كانت هذه صفته، بمنزلة أن يُتعجَّب من حُسن حاله وقلة حزنه وقلة مبالاته بالدنيا وكثرة طربه وفرحه.

"عجِّلت منيته أي: كان قبضُ روحه سهلاً؛ لأن بعض الناس يكون قبض روحه شديدًا؛ لالتفاته إلى ما تَرك في الدنيا من المال والعيال والأحباب، وطيبِ العيش، والمساكن الرفيعة.

"قلَّت بواكيه(البواكي): جمع باكية، وهي المرأة التي تبكي على الميت؛ يعني: قلت عياله، وإذا قلَّت عياله قلَّ التفاتُ خاطره إلى الدنيا.

"التراث": الميراث.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>