للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولا فَتَحَ عَبْدٌ بابَ مَسْأَلةٍ إلَاّ فتحَ الله عَلَيهِ بابَ فَقرٍ، وأمَّا الذي أُحَدِّثُكُمْ حديثًا فاحفَظُوه قال: "إنَّما الدُّنيا لأَرْبعةِ نَفَرٍ: عَبْدٍ رَزَقَهُ الله مالًا وعِلْمًا، فهوَ يَتَّقي فيهِ ربَّهُ، ويَصِلُ فيهِ رَحِمَهُ، ويَعملُ لله فيهِ بحقِّهِ، فهذا بأفضَلِ المنازِلِ، وعَبْدٍ رَزَقَهُ الله عِلْمًا ولمْ يرزُقْهُ مالاً، فهوَ صادِقُ النِّيَّةِ يقولُ: لوْ أنَّ لي مالاً لعَمِلتُ بعَمَلِ فُلانٍ، فهوَ ونِيَّتُهُ، فأَجْرُهُما سَواءٌ, وعَبْدٍ رَزَقَهُ الله مالاً ولمْ يَرزُقْهُ عِلْمًا، فهو يتخبَّطُ في مالِهِ بغيرِ عِلْمٍ، لا يتَّقي فيهِ ربَّهُ، ولا يَصِلُ فيهِ رَحِمَهُ، ولا يَعمَلُ فيهِ بحَقٍّ، فهذا بأَخبَثِ المنازِلِ، وعَبْدٍ لمْ يرزُقْهُ الله مالاً ولا عِلْمًا، فهوَ يقولُ: لوْ أنَّ لي مالاً لعمِلْتُ فيهِ بعَمَلِ فُلانٍ، فهوَ بنيَّتِهِ، فوِزْرُهُما سَواءٌ"، صحيح.

قوله: "فهو يتقي فيه ربه يعني: لا يصرف ماله في معصية، بل يجتنب ما لا يرضاه الله.

قوله: "ويعمل لله فيه بحقه أي: بحق المال، أو يؤدي ما في المال من الحقوق كالزكاة والكفارات وإطعام الضيف وغيرها، ويجوز أن يكون الضمير في حقه راجعًا إلى الله تعالى؛ أي: بحق الله الواجب في المال.

قوله: "وعبد رزقه الله علمًا" أراد بالعلم هنا: علمُ كيفية صرف المال في وجوه البر. "فأجرهما سواء أي: أجر القسم الأول والثاني؛ لأن الثاني كانت نيته صرفَ المال في وجوه الخير لو كان له مال، فهو يثاب بنيته كما يثاب صاحب المال ببذل المال في وجوه الخير.

"لعملت بعمل فلان يعني: يقول: لو كان لي مالٌ لصرفته فيما تشتهيه نفسي من لبس الملابس الفاخرة، واستماعِ الملاهي، وأكلِ الطيبات المحرَّمة، وغير ذلك من المناهي. "فهو بنيته أي: فهو يجد الإثم؛ أي: يكتب له إثم الذنب بنيته قَصْدَ الفساد.

"ووزرهما سواء"؛ يعني: القسم الثالث والرابع في الوزر سواء، كما أن

<<  <  ج: ص:  >  >>