من إيصال الرزق إلى العباد، وغيره مما قدَّر الله له.
* * *
مِنَ الصِّحَاحِ:
٤٠٨٨ - عن ابن عبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قال: قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "يدخُلُ الجَنَّةَ منْ أُمَّتي سَبعُونَ ألفًا بغيرِ حِسابٍ، هُمُ الذينَ لا يَسْتَرْقونَ، ولا يتَطيَّرونَ، وعلى ربهمْ يَتوَكَّلونَ".
قوله:"لا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون"، (لا يستَرْقُون) أصله: لا يسترقيون، فأُسكنت الياء ونقلت ضمتها إلى القاف، وحذفت لسكونها وسكون الواو، ومعناه: لا يطلبون الرُّقية. وقد ذكر بحث التطيُّر في (باب الفأل والطيرة).
اعلم أن التوكل فرضٌ وشعبةٌ من شعب الإيمان، والتوكُّل نوعان: عام وخاص.
فالعام: ما يجب أن يكون في جميع المسلمين.
والخاص: ما يكون في الخواص من العباد.
فالعام: أن يعلم الرجل أنْ لا مؤثر إلا الله تعالى، ولا يؤثِّر شيء إلا بأمر الله، فالطعام لا يُشبع إلا بأمر الله، والماء لا يروي إلا بأمره، والأدوية لا تشفي إلا بأمره، والسم لا يقتل إلا بأمره، والنار لا تحرق إلا بأمره، وكذلك جميع الأشياء، ومن له هذا العلم والاعتقاد جاز له أن يتداوى ويسترقي، ويفر من عدو إلى قلعة، وجاز له أن يكتسب المال بالتجارة والحرف وغيرهما إذا علم أن الرازق هو الله تعالى، والكسبُ واسطةٌ كما أن التداوي واسطة للشفاء.
والتوكل الخاص: أن يترك الرجل التداويَ والاسترقاء؛ ليقينه بأنه لا يصيبه