٤١٠٤ - عن أبي هُريرةَ قال: قلتُ يا رسولَ الله! بَيْنا أنا في بيتي في مُصَلَاّيَ، إذ دَخَلَ عليَّ رَجُلٌ، فأَعْجَبني الحالُ التي رآني عليها، فقالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "رَحِمَكَ الله يا أبا هُريرةَ! لكَ أجرانِ: أَجْرُ السِّرِّ، وأَجْرُ العلانِيَةِ"، غريب.
قوله:"أعجبتني"؛ أي: حسنت عندي.
"لك أجران" وإنما قال - صلى الله عليه وسلم - له:(لك أجران)؛ لأن نيته الإخلاص في الصلاة، فحصل له الأجر بإخلاصه، وأحب أن يراه الناس مصليًا ليقتدوا به؛ يعني: ليعملوا مثل عمله، فحصل له الأجر بنيته تعليمَ الناس الخيرَ.
وكذلك جميع الناس ممن عمل عملًا صالحًا لله، وهو يحب أن يعمل الناس مثل عمله، فله أجران: أجرُ العمل، وأجر تعليم الناس الخير.
* * *
٤١٠٥ - عن أبي هُريرةَ قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "يَخرُجُ في آخرِ الزَّمانِ رِجالٌ يَختِلونَ الدُّنْيا بالدِّينِ، يَلْبَسونَ للنَّاسِ جُلودَ الضَّأْنِ مِنَ اللِّينِ، أَلسِنَتُهُم أَحْلَى مِنَ السُّكَّرِ، وقُلوبُهُمْ قُلوبُ الذِّئابِ، يقولُ الله تعالى: أَبي يَغترُّونَ؟ أمْ عليَّ يَجْترِئُونَ؟ فبي حَلَفْتُ، لأَبْعَثَنَّ على أُولئِكَ منهُمْ فِتنةً تَدَع الحَليمَ فيهِمْ حَيْرانَ".
قوله:"يختلون الدنيا بالدين"، و (الختل): الخداع، وهو أن يعمل الرجل عملاً وفي نيته غيرُ عمله؛ ليغرِّر أحدًا، وتقدير هذا الكلام: يختلون أهل الدنيا بعمل الدين؛ يعني: يعملون الأعمال الصالحة ليعتقد الناس فيهم الخير والصلاح ويظنونهم الصلحاء؛ ليدفعوا إليهم الأموال، وليخدموهم، وليس في نيتهم إخلاص، بل جذب المال والجاه.
"يلبسون للناس جلود الضأن"؛ يعني: يلبسون اللباس من الصوف؛