"فاجتالَتْهُم"، قد يجيء الافتعال بمعنى حمل أحد على فعل كقولهم: اختطب زيدٌ عمرًا على نكاح فلانة؛ أي: حمله على خِطبتها، وهنا (اجتالتهم) معناه: حملتهم الشيطان على حولانهم "عن دينهم"؛ أي: انحرافهم وميلهم عن الدين.
"وحرمت عليهم"؛ أي: حَرَّمَتِ الشياطين عليهم ما أحللْتُ لهم نحو: البحيرة والسَّائبة والوَصيلة والحَام.
"ما لم أُنْزِلْ بِهِ سُلْطَانًا"؛ أي: ما لم آمرهم به، ولم أنزل على نبي به كتابًا، وذلك مثلُ اتخاذِ بعضهم الأصنام آلهةً، وبعضهم عيسى عليه السلام، وبعضهم الشمس، وبعضهم عُزير.
(أمْقُتُهُمْ)؛ أي: أبغضهم، وإنما أبغضهم لأنهم كانوا قَبْلَ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - كفارًا، فقومُ موسى غَيَّروا دينَ موسى، وقومُ عيسى؛ زَعَمَ بعضُهم: أن عيسى ابن الله، وبعضهم: أنه شريك الله وغير ذلك، وباقي الناس كانوا يعبدون الأصنام أو الشمس أو الملائكة أو النار.
"إلا بقايا من أهل الكتاب"؛ يعني: إلا جماعة من قوم عيسى بقوا على متابعته عليه السَّلام.
"وقال"؛ أي: قال الله تعالى: "إنما بعثتُكَ": يا محمد "لأبتليْكَ"؛ أي: لأختبرك هل تصبر على بلاء إيذاء قومك إياك، وهل تبلغ رسالتي.
"وأبتَليَ بكَ"؛ أي: ولأختبرَ بسببك قومَك، هل يؤمنون بك أم يكفرون بك.
"وأنزلتُ عليك كتابًا"؛ أي: القرآن.
"لا يغسلُهُ الماءُ"؛ يعني: يَسَّرْتُ حفظَهُ عليك وعلى أمتك، وحفظتكم عن النسيان، فإذا كنتم تحفظونه، فكيف يغسله الماء عن صدوركم.