للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هم الذين يقولون: الإيمانُ الإقرارُ باللسان من غير عملٍ، سُمُّوا بذلك لأنهم يُؤخِّرون ويُبْعدون الأعمالَ من الإيمان ويقولون: الأعمالُ ليست من الإيمان كما قال الشافعي رحمه الله، ولا من حقوق الإيمان كما قال أبو حنيفة رحمة الله عليه.

وقيل: المرجئة هم الجَبْرية، وهم الذين يقولون: الأفعالُ والأقوالُ كلُّها بتقدير الله تعالى، وليس للعباد فيها اختيارٌ؛ والأصحُّ أن المرجئةَ هم الجَبريةُ، وذُكر بحث الجَبْرية والقَدَرية في بحث شرح الحديث الخامس من أول هذا الباب.

والقَدَر والتقدير واحد، نُسبت هذه الطائفة إلي القَدَر؛ لأنهم يقولون: الأشياءُ بتقدير الله تعالى، بل لأنهم يبحثون في القَدَر كثيرًا، ويقولون: كلُّ شخصٍ خالقُ أفعالِه، ويجوز (جَبرية) بسكون الباء وفتحها، و (القَدَرية) بسكون الدال وفتحها.

قوله: "وليس لهما في الإسلام نصيب": ولم يقل النبيُّ - عليه السلام - هذا لنفي أصل الإيمان عنهم؛ لأنه - عليه السلام - أضافهم إلى نفسه وقال: (صنفان من أمتي)، وإنما قال: (ليس لهما في الإسلام نصيب) لقلة نصيبهم في الإسلام، كما يقال: ليس للبخيل حظٌّ من ماله؛ أي: ليس له حظٌّ كاملٌ.

واختلف أهلُ السُّنة في الحكم بكفر أهل البدعة؛ فبعضُهم يقول: جميعُ المُبتدِعين كفَّارٌ، وبعضُهم يقول: جميعُ المُبتدِعين مسلمون، وبعضهم يقول: إنْ ظهرَ منهم قول يكون كفرًا يُحكَم بكفرهم، وإن لم يكن منهم كفرٌ لم يُحكَم بكفرهم، بل نقول: إنهم مُبتدِعون لا كفَّارٌ؛ وهذا القولُ هو المختارُ.

* * *

٨٤ - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "يكونُ في أُمَّتي خَسْفٌ ومَسْخٌ، وذلكَ في المكذِّبينَ بالقَدَرِ".

قوله: "في أُمتي خَسْفٌ"، (الخَسف): أن يُدخل الله أحدًا في الأرض

<<  <  ج: ص:  >  >>