(الجَنَبَة) بفتح الكل: الجانب؛ يعني: تتشكل الأمانةُ والرَّحِمُ يومَ القيامة ويقوم أحدُهما بجانب الصراط والآخرُ في جانبه الآخر، وتحاجَّانِ عن صاحبهما، أو تشهدانِ عليهما، وإنما كان كذلك؛ ليتميزَ الأمينُ من الخائن، والواصلُ من القاطع على رؤوس الملأ؛ سرورًا للأمين والواصل، وفضيحةً للخائن والقاطع، فهذا تحريضٌ بليغٌ على رعايتهما، وحثٌّ تامٌّ على أداء حقَّيهما؛ فإن رعايَتهما سببٌ لمصالحَ كثيرةٍ وفوائدَ عظيمةٍ.
* * *
٤٣٢٢ - عن أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - أنَّ ناسًا قالوا: يا رسولَ الله! هلْ نَرَى رَبنا يومَ القِيامَةِ؟ قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "نَعَمْ، هلْ تُضارُّونَ في رُؤْيةِ الشَّمْسِ بالظَّهيرةِ صَحْوًا ليسَ مَعَها سَحابٌ، وهلْ تُضَارُّونَ في رُؤْيَةِ القَمَرِ ليلةَ البَدْرِ صَحْوًا ليسَ فيها سَحابٌ؟ " قالوا: لا يا رسولَ الله، قال:"ما تُضَارُّونَ في رُؤْيَةِ الله يومَ القِيامةِ إلَّا كما تُضارُّونَ في رُؤْيةِ أحدِهِما، إذا كانَ يومُ القِيامةِ أذَّنَ مُؤذِّنٌ: لِيتَّبعْ كُلُّ أُمَّةٍ ما كانتْ تَعبُدُ، فلا يَبقَى أحدٌ كانَ يَعبُدُ غيرَ الله مِنَ الأَصْنامِ والأنصابِ إلَّا يَتساقَطُونَ في النَّارِ، حتَّى إذا لمْ يَبْقَ إلَّا مَنْ كانَ يَعْبُدُ الله من بَرٍّ وفاجِر أتاهُمْ رَبُّ العالَمينَ قال: فَماذا تَنتظِرونَ؟ يتَّبعُ كُلُّ أُمَّةٍ ما كانتْ تعبُدُ، قالوا: يا رَبنا فارَقْنا النَّاسَ في الدُّنيا أفقَرَ ما كُنَّا إلَيْهمْ ولمْ نُصاحِبْهُمْ".
وفي رِوايةِ أبي هُريرَةَ - رضي الله عنه -: "فيقولونَ: هذا مَكانُنا حتَّى يأتِيَنا ربنا، فإذا جاءَ ربنا عَرَفْناهُ".
وفي رِواية أَبي سعيدٍ - رضي الله عنه -: "فيقولُ: هلْ بَيْنكُمْ وبينَهُ آيةٌ تَعرِفُونَهُ"؟ فيقولون: نَعَمْ، فيُكشَفُ عنْ ساقٍ فلا يَبقَى مَنْ كانَ يَسْجُدُ لله مِنْ تِلقاءِ نَفْسِه إلَّا أَذِنَ الله لهُ بالسُّجودِ، ولا يَبقَى مَنْ كانَ يَسْجُدُ اتِّقاءً ورِياءً إلَّا جَعَلَ الله ظَهْرَهُ