{وَلَا تُكَلِّمُونِ}[المؤمنون: ١٠٨]؛ أي: في رفع العذاب، فإني لا أرفعُه عنكم، فانقطع رجاؤهم، "وعند ذلك يأخذون في الزفير والحسرة والويل".
و (الزفير): اغتراقُ النَّفَس للشدة، وأولُ صوت الحمار.
و (الويل): وادٍ في جهنم، يقال: أخذ فلان في الشيء الفلاني: إذا شرع فيه.
يعني: بعدما يُجابون بقوله: {اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ}[المؤمنون: ١٠٨] يصيرون آيسينَ من رحمته تعالى، ثم لا يتكلمون بعدها إلا بالشَّهيق والزَّفير.
يعني: لا يقدرون على أن يتكلموا بعد ذلك، بل يَشْرَعون في الزَّفير والشَّهيق والويل والثُّبور، ويصير لهم عواءً كعواء الكلب، بحيث لا يَفْهَمون ولا يُفْهَمون.
* * *
٤٤١٧ - عن عبدِ الله بن عَمْرِو بن العاصِ - رضي الله عنهما - قالَ: قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لوْ أنَّ رَضْرَاضَةً مِثْلَ هذِهِ، وأَشارَ إلى مِثْلِ الجُمْجُمَةِ، أُرسِلتْ منَ السَّماءِ إلى الأَرْضِ في مَسيرةِ خَمْسِ مِئَةِ سَنَةٍ لَبَلَغتِ الأَرْضَ قبلَ اللَّيلِ، ولوْ أنَّها أُرْسِلَتْ مِنْ رأْسِ السِّلِسلَةِ لسارتْ أَرْبعينَ خَريفًا اللَّيلَ والنَّهارَ قبل أنْ تبلُغَ أَصْلَها أَوْ قَعْرَها".
قوله:"لو أن رَضْرَاضَةً مثلَ هذا"، الحديث.
(الرَّضْرَاض): ما دقَّ من الحصا، و (الرَّضْرَاضة): واحدةٌ منه.
(الخمخمة) بالخاءَين المعجمتَين: حَبَّة صغيرة صفراء، يقال لها بالفارسية: شفترك.
وقيل: هي (الجمجمة) بالجيمَين، وهي عَظم الرأس المشتمل على الدماغ، والقَدَح من خشب.