و (يُدْرِي) بضم الياء وكسر الراء: مضارع معروف، من أَدْرَى: إذا أَعلَمَ؛ يعني: أيُّ شيءٍ أَعلَمَك وأَخبَرَك بما تقول من قولك "ربي الله" ... إلى آخر ما تقول؟
قوله:"قرأت كتاب الله"؛ يعني: قرأتُ القرآنَ و"آمنتُ به" أنه حقٌّ، وصدَّقته على ما فيه، فوجدتُ فيه:{فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ}[محمد: ١٩] و {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ}[غافر: ٦٢] وغير ذلك من الآيات الدالة على أن ربَّي وربِّ المخلوقات هو الله تعالى.
ووجدتُ أيضًا فيه:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}[المائدة: ٣]، وكذلك:{إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ}[آل عمران: ١٩]، وكذلك:{وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ}[آل عمران: ٨٥]؛ فعلمتُ أنه لا دينَ مَرضيًّا بعد مجيء محمد - عليه السلام - إلا الإسلامُ، فوجدتُ فيه أيضًا:{مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ}[الفتح: ٢٩] و {قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا}[الأعراف: ١٥٨] وغير ذلك من الآيات الدالة على أن محمدًا رسولُ الله على كافة الخلق، فعلمتُ أن محمدًا رسولُ الله.
فإن قيل: هذا الحديث يدل على أن الرجلَ يَعرف صدقَ الرسول من القرآن، وهذا لا يستقيم؛ لأن الرجلَ ما لم يعرف صدقَ الرسولِ لا يعرف أن القرآنَ كلامُ الله.
الجواب: أن النبي - عليه السلام - يُعرَف صدقُه بالمعجزة، بل لا طريقَ إلى معرفة النبي - عليه السلام - إلا بالمعجزة؛ فإن النبي - عليه السلام - إذا أَظهرَ المعجزةَ عَرفَ الناسُ أنه لو لم يكن نبيًا لم يَقدِر على إظهار المعجزة التي ليست