قوله:"ويُفسَح له فيها"؛ أي: في الجنة "مَدَّ بَصَرِه"، (المَدُّ): البَسط والتوسيع، والمراد منه ها هنا: إلى حيث ينتهي إليه بصره.
فإن قيل: قال قبلَ هذا: (يُفتَح له سبعون ذراعًا في سبعين)، وقال ها هنا:(يُفتَح له فيها مَدَّ بَصَرِه)، كيف التوفيقُ بينهما؟
قلنا:(سبعون ذراعًا في سبعين) عبارةٌ عن توسُّع قبره، و (مَدّ البصر) هنا عبارةٌ عن ما يُعرَض عليه من الجنة، فبينهما فرقٌ، ويحتمل أن يكون ذلك لمن درجتُه أقلُّ ممن له هذا؛ لأن مَدَّ البَصَر أكثرُ من سبعين ذراعًا.
قوله:"فذَكرَ موتَه"؛ أي: فذَكَرَ حالَ موته وشدةَ صوتِه، والسؤال منه في القبر، فإن قيل: لِمَ ذكر هنا "ويُعاد روحُه في جسده"، ولم يقل في قصة المؤمن: إنه يُعاد روحُه في جسده؟
قلنا: لأنه ذَكَرَ ثَمَّ ما يدل على أن روحَه يُعاد في جسده، وهو قوله عليه السلام:"فيُجلِسانه فيقولان له: مَن ربُّك؟ " والإجلاسُ والسؤالُ عنه إنما يكون بعدَ أن يُعادَ روحُه في جسده.
قوله:"هَاهْ هَاهْ" بسكون الهاء بعد الألف، هذه الكلمة يقولها المُتحيَّر في الكلام من الخوف أو من عدم الفصاحة، وليس لها معنًى، ولكن إذا صَدَرَتْ هذه الكلمةُ من شخصٍ عُلِمَ أنه لا يَقدِرُ على جواب السائل، بل هو متحيَّر في جوابه؛ يعني: هذا الكافرُ يتحيَّر في جواب المَلَكَين.
"فينادي منادٍ من السماء: أنْ كَذَبَ"؛ يعني: كَذَبَ أنه لا يدري مَن ربُّه وما دِينهُ ومَن هذا الرجلُ الذي بُعِثَ فيهم؛ لأن الكفارَ يعلمون أن ربَّهم هو الله تعالى، ويعلمون أن دِينَهم هو الإسلامُ وأن نبيَّهم محمد رسولُ الله عليه السلام،