"وأتزوَّج النساءَ"؛ لأن الله تعالى خلقَ النساءَ للرجال وركَّب في الرجال والنساء الشهوةَ، كما خلقَ فيهم الاحتياجَ إلى الطعام، فكما أنه لا بد من الطعام فكذلك لا بد للرجال من النساء، والتزوُّجُ مُباحٌ، وهو سبب العبادات؛ لأنه يحصل به دفعُ الزَّنا من الرجال والنساء، ويُؤجَر الرجلُ بما يعطي زوجتَه من النفقة والكسوة، ويُؤجَر أيضًا بمكالمته ومجالسته إياها وتحصيل الأولاد.
والأولادُ عبادُ الله، وأُمَّةُ محمدٍ عليه السلام، ولا شك أن تكثيرَ عبادِ الله تعالى وأُمةِ النبي - عليه السلام - عبادةٌ، فإذا كان كذلك فلا ينبغي لمَن يحتاج إلى النكاح ويقدر على تحصيل الكسوة والنفقة أن يتركَ التزوُّجَ.
قوله عليه السلام:"فمَن رَغبَ عن سُنتي فليس مني"، رغب عن الشيء: إذا تركَه وأعرضَ عنه؛ يعني: مَن تركَ ما أَمرتُ به من أحكام الدين فرضًا كان أو سُنةً عن الاستخفاف بي وعدم الالتفات إليَّ فليس مني؛ لأنه كافرٌ، وأما مَن تركَ لا عن الاستخفافِ وعدم الالتفات، بل عن الكسلِ لم يكن كافرًا، وعلى هذا قوله:(فليس مني) تكون للزجر والوعيد، ويكون معناه: فليس من المُقتَدِين والعاملين بسُنَّتي.
* * *
١٠٧ - وعن عائشة رضي الله عنها، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال:"ما بالُ أقوامٍ يتنزَّهُونَ عنِ الشيءِ أصنَعُهُ، فوالله إنَّي لأَعلَمهُمْ بالله، وأشدُّهُم له خَشْيةً".
قوله:"ما بالُ أقوامٍ"؛ أي: ما حالُ أقوامٍ، (ما): للاستفهام بمعنى التوبيخ والإنكار.