ثمَّ أهدَتْها لِرَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فأَخذَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الذِّرَاعَ فأَكَلَ منها، وأكلَ رَهْطٌ منْ أَصحَابهِ معهُ، فقالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "ارْفَعوا أيْدِيَكُمْ"، وأَرْسَلَ إلى اليَهودِيَّةِ، فدَعَاها فقال:"سَمَمْتِ هذِه الشاةَ؟ "، فقالت: مَنْ أخبَرَكَ؟ فقال:"أخبَرَنِي هذِه في يَدِي"، يَعني: الذَّراعَ، قالتْ: نَعَمْ، قلتُ: إنْ كانَ نَبيًّا فلنْ يَضُرَّهُ، وإنْ لمْ يكُنْ نبيًّا اسْتَرَحْنا منهُ، فعفَا عَنْهَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يُعاقِبْها.
قوله:"سَمَّتْ شاةً مَصْلِيَّة"، (المَصْلية): المَشْوِيَّة، مِنْ صَلَيْتُ اللحمَ: إذا شويته بالصِّلاء، وهي النار.
قيل: اسم هذه المرأة زينب بنت الحارث، وهي بنت أخي مَرحَب بن أبي مرحب.
قيل: لصفيةَ بنت حُيي شاةٌ مَصْلية سَمَّتها، وأكثَرَتْ في الكتف والذراع، لمَّا عرفتهما أنهما أحبُّ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فعفا عنها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يعاقِبْها.
قال الإمام التُّورِبشْتي في "شرحه": وفي هذا اختلاف؛ لأنه قد روي أنه - صلى الله عليه وسلم - أمر بقتلها فقُتِلت، والجمع بين الروايتين أنه عفا عنها أولاً، فلمَّا مات بِشْر بن البراء من الأَكْلة التي ابتلَعَها أَمَرَ بقتلها، فقُتلت في الحال.
* * *
٤٦٤٨ - عَنْ سَهْلِ بن الحَنْظَلِيَّةِ: أنَّهُمْ سَارُوا مَعَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - يَومَ حُنَيْنٍ، فأطْنَبُوا السَّيْرَ حتَّى كَانَ عَشِيَّةً، فجَاءَ فَارِسٌ فقال: يا رَسُولَ الله! إنَّي طَلعْتُ عَلَى جَبَلِ كَذا وكَذا، فإذا أَنَا بهَوازِنَ على بَكْرَةِ أَبيهِمْ بظُعُنِهِمْ وَنَعَمِهِمْ، اجْتَمَعُوا إِلَى حُنَيْنٍ، فتبسَّمَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وقال:"تِلكَ غَنيمَةُ المُسلِمِينَ غدًا إنْ شَاءَ الله"، ثُمَّ قال:"مَنْ يَحرُسُنا الَّليلةَ؟ "، قالَ أَنَسُ بن أبي مَرْثَدٍ الغَنَوِيُّ: أَنَا يا رَسُولَ الله! قال: "اركَبْ"، فركِبَ فرَسًا لهُ فقال: "استقْبلْ هذا الشَّعْبَ حتَّى