رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن يَشْتري بُقْعَةَ آلِ فُلانٍ فيزيدُها في المَسْجِدِ بخيرٍ لهُ منها في الجنةِ"، فاشتريْتُها مِن صُلْبِ مالي، فأنتم اليومَ تمنعونَني أنْ أُصلِّيَ فيها ركعتينِ؟ قالوا: اللهم! نَعَم، قال أَنشدُكم الله والإِسلامَ، هل تعلمونَ أني جَهَّزتُ جيشَ العُسرةِ مِن مالي؟ قالوا: اللهم! نعم، قال: أَنشدُكم الله والإِسلامَ، هل تعلمونَ أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كانَ على ثَبيرِ مَكَّةَ ومعَهُ أبو بَكْرٍ وعُمَرُ وأنا، فتحرَّكَ الجبلُ حتى تساقطَتْ حِجارَتُه بالحَضيضِ، فركضَهُ برجلِهِ وقال:"اُسْكُنْ ثَبيرُ، فإنَّما عليكَ نبيٌّ وصدِّيقٌ وشهيدانِ؟ " قالوا: اللهمَّ! نَعَم، قال: الله أكبرُ، شَهِدُوا ورَبِّ الكَعْبةِ أَنِّي شَهيدٌ، ثلاثًا.
قوله:"شهدتُ الدارَ حين أَشْرَفَ عليهم عثمانُ - رضي الله عنه -"، (شهدت)؛ أي: حضرت، (الدار): عبارة عن دار عثمان التي قد حاصروه فيها. (أشرف عليهم)؛ أي: اطَّلع عليهم.
قوله:"أنشدُكُم الله والإسلامَ"، قال الحافظ أبو موسى: يقال: نشدتُكَ نِشْدَةً ونِشْدانًا، وناشدتك؛ أي: سألتُكَ بالله وبالإسلام، وتعدِيتُه إلى مفعولين إما لأنه بمنزلة دعوتُ، حيث قالوا: نشدتك الله وبالله، كما قالوا دعوتُه زيدًا وبزيد، أو ضَمَّنُوه معنى: ذكرتُ، و (أنشدتك بالله) خطأٌ.
قوله:"مَنْ يشتري بئر رُومة يجعل دَلْوه كدِلاء المسلمين"، قيل: بئر رومة في العقيق الأصغر، وفي المدينة عقيقان؛ العقيق الأصغر: قُطِعَ عن حَرَّة المدينة، والعقيق الآخر أكبر منه وفيه بئر عُروة.
قوله:(يجعل دَلْوه كدِلاء المسلمين) ليس مستند جواز الوقف على نفسه؛ لأن إلقاء الدَّلو فيها لا يفتقر إلى شرط بحكم العموم، فإذا ثبت هذا فذكره وعدم ذكره سيَّان، كما لو قال: جعلت هذا مسجدًا وأصلي فيه كما يصلي فيه المسلمون.