أَحَبُّ إليك؟ قال:"فاطِمَةُ بنتُ مُحَمَّدٍ"، قالا: ما جِئْناكَ نَسْأَلُكَ عن أهلِك، قال:"أَحَبُّ أَهْلي إليَّ مَن قد أَنْعَمَ الله عليهِ وأَنْعَمْتُ عليهِ: أُسامَةُ بن زيدٍ"، قالا: ثُمَّ مَن؟ قال:"عليُّ بن أبي طالبٍ"، فقال العَبَّاسُ: يا رسولَ الله! جَعَلْتَ عَمَّكَ آخِرَهم! فقال: "إنَّ عَلِيًا قد سَبَقَكَ بِالهِجْرَةِ".
قوله:"جئناكَ نسألُك أيُّ أهلِكَ أحبُّ إليك؟ قال: فاطمةُ بنتُ محمَّد، قالا: ما جئناك نسألُك عَنْ أهلِكَ" الخاص؛ يعني بهم العِتْرة، فأجاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الأهل أيضًا، فإن قيل: ما الحكمة في جوابه - صلى الله عليه وسلم - عن الأهل مع أنهما قالا: ما نسألك عن الأهل؟
قيل: الأهل يُذكر ويراد به الزوجة والأولاد، وقد يُذكر ويُراد به الأقارب، وقد يُذكر ويراد به المُتعلِّق، فإذا سألا في الأول عن الأهل وقال: أحب إليَّ فاطمة، فقالا: ما نسألك عن أهلك؛ يعني: عن أزواجك وأولادك، بل نسألك عن أقاربك وعن متعلِّقيك.
قال:"أحبُّ أهلي إليَّ مَنْ قد أنعمَ الله عليه، وأنعمتُ عليه، أسامة"، إن قيل: جميعُ الصحابة رضوان الله عليهم قد أنعمَ الله ورسولُه عليهم، فلأيِّ شيء خُصِّص بذلك؟ قيل: النعمةُ من الله ومن الرسولِ على زيدٍ أبي أسامة، والنعمةُ على الآباء نعمةٌ على الأبناء، فلهذا قد خصِّصت به بيان النعمة من الله ورسوله على زيد، قال الله - عز وجل -: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ}[الأحزاب: ٣٧] الإنعام من الله - عز وجل - توفيقُ الإيمان له، واهتداؤه إلى الإسلام، الذي هو أكمل النعم وأتمُّها، والإنعام من الرسول - صلى الله عليه وسلم - إعتاقُه، وإخراجُه من ذُلِّ الرق.