واسقُوا مِن غُدُرِكم، فإنَّ الله - عز وجل - تَوَكَّلَ لي بالشَّامِ وأَهْلِهِ".
قوله: "سيصِيرُ الأمرُ أن تكونوا جُنودًا مُجَنَّدة؛ جُندٌ بالشام وجندٌ باليمن وجند بالعراق"، (الجنود) جمع جُنْد، وهو مَنْ يقاتل به، جَنَّد يُجَنِّد تَجْنيدًا: إذا جمع العسكر، فهو مُجَنِّد وذلك مُجَنَّد؛ يعني: ستصيرون فِرقًا ثلاثًا؛ فرقة منكم تقصد إلى الشام، وفرقة أخرى تقصِد إلى اليمن، والثالثة تقصِد إلى العراق.
فقال الراوي: يا رسول الله! خِرْ لي؛ أي: اختر لي.
قوله: "فإنَّها خِيرةُ الله من أرضه"؛ يعني: إن الشام مُختارةُ الله من أرضه؛ يعني: اختارها الله من جميع الأرض للإقامة في آخر الزمان.
قوله: "يجتبي إليها خيرتَه من عباده"، (يجتبي)؛ أي: يجتمع؛ يعني: يجتمع إلى الشام الخيارُ من عباده.
قوله: "فأمَّا إنْ أَبيتم فعليكُم بيمنِكم، واسْقُوا مِنْ غُدُرِكم، فإنَّ الله توكَّلَ لي بالشام وأهلِه"، (الغُدُر) جمع غدير، وهو حفرة يَقِفُ فيها الماء؛ يعني: إن أبيتم عن القصد إلى الشام فعليكم بيمنكم؛ أي: فالزموا يمنَكُم، وإنما أضاف اليمن إليهم؛ لأن المخاطَبين هم العرب، واليمن من أرضهم.
قيل: قوله: "فأمَّا إن أبيتُم فعليكم بيمنكم" اعتراض بين قوله: "عليكم بالشام" وبين قوله: "واسقوا من غُدُركم"، فإذا ثبت هذا فتقدير الكلام: عليكم بالشام واسقوا من غدركم، فإن الله قد توكَّل لي بالشام وأهلها، فأما إنْ أبيتُم فعليكم بيمنكم.
قال الإمام التوربشتي: في سائر نسخ "المصابيح": (فإن الله قد توكل لي بالشام) والصواب: "قد تكفل"، وهو سهو إمَّا في أصل الكتاب، أو من بعض الرواة.