قال في "شرح السنة": ذكرَ الخطَّابي - رحمة الله عليه - على هذا الحديث كلامًا معناه: أن هذا الحديث يُروى على وجوه مختلفة في توقيت العمل من النهار، وتقدير الأُجرة في هذه الرواية: قطع الأجرة لكل فريق منهم قيراطًا قيراطًا، وتوقيت العمل عليهم زمانًا، واستيفاؤه منهم وإيفاؤهم الأجرة.
وفيه قطع الخصومة، وزوال العَتَب عنهم، وإبراؤهم من الذَّنْب، وهذا الحديث مختصَر، وإنما اكتفى الراوي منه بذكر مآل العاقبةِ فيما أصاب كلَّ واحدة من الفِرَق من الأجر.
وقد روى محمد بن إسماعيل هذا الحديثَ بإسناده عن سالم بن عبد الله عن عبد الله، وقال فيه:"أوتي أهل التوراة التوراةَ فعمِلوا، حتى إذا انتصفَ النهارُ عَجَزوا، فأُعْطوا قيراطًا قيراطًا، ثم أُوتي أهلُ الإنجيلِ الإنجيلَ، فعمِلوا إلى صلاة العصر، ثم عَجَزوا، فأُعْطوا قيراطًا قيراطًا، ثم أُوتيتُ القرآن، فعمِلْنا إلى غروب الشمس، فأُعطينا قيراطين قيراطين".
فهذه الروايةُ تدلُّ على أن مَبْلَغ الأجرة لليهود لعمل النهار كلِّه قيراطان، وأجرة النصارى للنصف الباقي قيراطان، فلما عَجَزوا عن العمل قبلَ تمامِه لم يُصيبوا إلا على قدْرِ عملهم، وهو قيراط، ثم إنَّهم لما رَأَوا المسلمين قد استوفَوا قدرَ أجرةِ الفريقين حَسَدُوهم، فقالوا: نحنُ اكثرُ عملًا، وأقلُّ أجرًا.
* * *
٤٩٢٧ - عن أبي هُريرَةَ - رضي الله عنه -: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"مِن أَشَدِّ أُمَّتي لي حُبًّا ناسٌ يكونونَ بَعْدي يَوَدُّ أَحَدُهم لو رآني بأَهْلِهِ ومالِهِ".
قوله:"يَوَدُّ أحدُهم لو رآني بأهله وماله"، (ودَّ يَوَدُّ) على وزن علم يعلم، معناه: تمنَّى، والباء في (أهله) باء التعدية؛ يعني: يتمنَّى أحدُهم أن يكَون يَفْدِي