قاعدٌ، فقال:"أينَ كنتَ يا أبا هِرٍّ؟ "، فقلت له: لَقِيتَني وأنا جُنُبٌ، فكرِهْتُ أنْ أُجالِسَكَ وأنا جُنُبٌ، فقال:"سُبْحَانَ الله، إِنَّ المُؤْمِنَ لا يَنْجُس".
قوله:"فانسللت"، (الانسلالُ): الخروجُ من بين شيءٍ، ومن بينِ قومٍ، (فانسلَلْتُ)؛ أي: أخرجتُ يدي من يده، وكرهتُ أن أجالسَه جُنُبًا.
"فأَتَيْتُ الرَّحْلَ"، أي: أتيت الماءَ بين الرَّحْل، وهو ما كان مع المسافر من الأقمشة، والرَّحْلُ أيضًا: الموضعُ الذي نزلَ فيه القومُ.
قوله:"يا أبا هِرٍّ"، اعلم أن هذه الكنيةَ وضعها رسول الله - عليه السلام - حين رآه وفي ثوبه شيءٌ، فقال:"ما في ثوبك يا عبد الرحمن؟ " فقال: هِرَّةٌ، فقال:"أنت أبو هريرة"، فاشتهرَ بهذه الكُنية، وأحبَّ أن يدعوَه الناسُ بهذه الكنية؛ لبركة لفظِ رسولِ الله عليه السلام:"يا أبا هر" وربما قال له: "يا أبا هريرة"، ويجوز حذف الهمزة من الكُنية، يقال: يا با فلان.
قوله:"سبحان الله"، هذا اللفظُ يقال عند التعجُّب، يعني: تعجب رسول الله - عليه السلام - من فِعْلِ أبي هريرة، وقال:"إن المؤمن لا يَنْجُسُ"، يعني: المؤمن طاهرٌ لا يصيرُ نجسًا بكونه جُنُبًا، بل يجوزُ مخالَطَةُ الجُنُب ومؤاكلَتُه.
* * *
٣٠٩ - وذكر عُمرُ - رضي الله عنه - لِرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - أنَّهُ تُصيبُهُ الجَنابةُ مِنَ اللَّيْلِ، فقالَ لهُ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "توضَّأْ، واغْسِلْ ذَكَرَكَ، ثمَّ نَمْ".
٣١٠ - وقالتْ عائشةُ رضي الله عنها: كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كانَ جُنُبًا فأرادَ أنْ يأْكُلَ أوْ يَنَامَ توضَّأَ وُضُوءَهُ للصَّلاةِ.