قوله:"لا ينجسه شيء" تقديره: لا ينجسه شيءٌ ما لم يتغيَّر.
* * *
٣٣١ - وقال أبو هريرة - رضي الله عنه -: "سألَ رجلٌ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسولَ الله! إنَّا نركبُ البحرَ، ونحمِلُ مَعَنَا القليلَ مِنَ الماءِ، فإنْ تَوَضَّأْنَا بهِ عَطِشْنَا، أفنتوضَّأُ بماءِ البحر؟ فقالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "هُوَ الطَّهُورُ ماؤُهُ، والحِلُّ مَيْتَتُهُ".
قوله: "هو الطهور ماؤه والحل ميتته": الضمير في (هو الطهور) يرجع إلى (البحر)؛ يعني: ماؤه طهورٌ (١)، وميتته حلال، فالحوتُ حلالٌ بالاتفاق، والضفدع حرامٌ بالاتفاق، والسرطان حرام أيضًا في أصح القولين، وكذلك ما يعيش في الماء والبر.
فأما ما لا يعيش في البر ففيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أن جميعه حلال.
والثاني: حرام.
والثالث: ما يؤكل شبهُه في البر يؤكل، وما لا يؤكل شبهه في البر لا يؤكل.
* * *
٣٣٢ - عن أبي زيد، عن عبد الله بن مَسْعود - رضي الله عنه -: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ لَهُ ليلةَ الجِنِّ: "ما في إداوَتِكَ؟ "، قال: قلت: نبَيذٌ، قال: "تمرةٌ طيِّبَةٌ وماءٌ طَهُور"، فتوضَّأَ مِنْهُ.
(١) جاء على هامش "ش": "فيه دليل على أن الوضوء به جائز وإن تغير طعمه أو ريحه، وفيه أيضًا دليل على أن الطهور هو المطهر، فإنهم سألوه عن تطهير ماء البحر، لا عن طهارته، ولولا أنهم فهموا ذلك من لفظ الطهور، لا يزول إشكالهم بقوله: هو الطهور ماؤه".