وكان أميرُ المؤمنين عليّ بن أبي طالب - رضي الله عنه - إذا نسي شيئًا ممَّا سمعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم سمعه من رجل يحلَّفُ الرجلَ الذي سمع منه ما سمعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم نسيه، وإنما فعل هذا للاحتياط في صحة الأحاديث.
وكلُّ ذلك تصريحٌ منهم بأنه لا يجوز إلا قَبولُ ما صحَّ من الحديث، بل لا ينبغي لمن له ديانة أن يقول قولًا أَو يفعل فعلًا ليس له عليه حجةٌ.
وينبغي أن يبحث الرجلُ عن حال من يروي عنه أنه صاحبُ عقيدة مرضية في الشرع، وصاحب تقوى وصدق وديانة، فإن كان كذلك يروي عنه، وإلا فلا.
وكذلك يبحث عن سِنِّه هل يحتمل سنه روايةَ من يروي عنه، وسماع الحديث منه؟ فإن لم يحتمل، فلا يروي.
النوع الثاني: الحديث الموقوف وهو: ما يكون إسناده متصلًا إلى الصحابي، فلمَّا وصل إلى الصحابي لا يقول الراوي من الصحابي: إنه قال الصحابي: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كذا، وسمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كذا، بل يقول الراوي: إن فلانًا الصحابي يقول كذا، أو يفعل كذا، أو يأمر بكذا، وما أشبه ذلك.
ومن الموقوف ما يقول الصحابي: كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعلون كذا، ويقولون كذا، ويأمرون بكذا.
النوع الثالث: الحديث المرسل، وهو: ما يكون إسناده متصلًا إلى التابعي، فلما وصل إلى التابعي يقول التابعي: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كذا، أو فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كذا.
واختلف في أن الحديث المرسل هل هو محتج به أم لا؟
وأقوى المراسيلِ مراسيلُ سعيد بن المسيب؛ لأنه كان فقيهًا صاحب فتوى، وأبوه صحابي من أصحاب الشجرة، وقد أدرك سعيدٌ عمر، وعثمان،